للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وانا الفقير الحقير خادم الفقراء وتراب اقدامهم أقول لو قال لي ربي ما غرّك بربك لقلت كفالتك بي واحاطتك على وكونك سمعي وبصرى وعموم قواي ومشاعري يا ربي. ثم قال سبحانه

كَلَّا ردعا للإنسان عن الغفلة والاغترار بإيراد الاعذار الكاذبة بَلْ تُكَذِّبُونَ ايها المغترون المسرفون بِالدِّينِ وبترتب الجزاء على أعمالكم وأخلاقكم من حسناتكم وسيئاتكم لذلك غرتكم الحياة المستعارة الدنياوية ففعلتم ما فعلتم من المفاسد والمقابح بشدة الإنكار والإصرار بلا مبالاة وخشية من القدير العليم

وَإِنَّ عَلَيْكُمْ من قبل الحق لَحافِظِينَ رقباء

كِراماً أمناء لا يزيدون عليها ولا ينقصون منها لكونهم كاتِبِينَ مثبتين في صحف أعمالكم

يَعْلَمُونَ منكم جميع ما تَفْعَلُونَ فيقررون عليكم وقت حسابكم ثم تجازون على مقتضاها

إِنَّ الْأَبْرارَ البارين المبرورين لَفِي نَعِيمٍ مقيم ومسرة دائمة وفوز عظيم

وَإِنَّ الْفُجَّارَ المسرفين المفترين لَفِي جَحِيمٍ معذبين بعذاب أليم

يَصْلَوْنَها ويدخلون فيها يَوْمَ الدِّينِ والجزاء بعد ما حوسبوا

وَبالجملة ما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ متحولين مفارقين ابدا بل صاروا فيها خالدين مخلدين. ثم أبهم سبحانه ذلك اليوم على السامعين تعظيما له وتفخيما على سبيل التهويل فقال

وَما أَدْراكَ وأعلمك ايها المغرور ما يَوْمُ الدِّينِ وما شأنه الفظيع وما شدة هوله وفزعه

ثُمَّ ما أَدْراكَ ايها المغرور الممكور ما يَوْمُ الدِّينِ وما يجرى عليك فيها من الشدائد والأهوال وانواع الهموم والأحزان وبالجملة

يَوْمَ وأى يوم يوم لا تَمْلِكُ تنفع وتدفع نَفْسٌ لِنَفْسٍ حميم لحميم وصديق لصديق شَيْئاً مما حكم عليها واستحق لها من الجزاء بل كل نفس رهينة بما كسبت مشغولة بما اقترفت بلا التفات منها الى غيرها من شدة هولها وحزنها وَبالجملة الْأَمْرُ اى عموم امور العباد وما جرى عليهم من الثواب والعقاب كله يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ مختصة به موكولة بمشيته مفوضة الى ارادته يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد فضلا وعدلا لا يسأل عن فعله انه حكيم حميد. اصنع بنا ما أنت به اهل يا مولانا

[خاتمة سورة الانفطار]

عليك ايها المترقب لفضل الحق ولطفه في يوم الجزاء ان تفوض أمورك كلها الى الله في نشأتك هذه وتقوم بين يدي الله في كل الأحوال وتتجرد عن مقتضيات ناسوتك في عموم الشئون والأطوار الطارية عليك على تعاقب الأدوار في مدة حياتك المستعارة وإياك إياك الاغترار بخداع هذه الغدارة المكارة فاعتبر من اهل هذا الدار ان كنت من ذوى العبرة والاستبصار فاعبر عنها فإنها ما هي دار القرار بل منزلة الخبرة والاعتبار فاعتبروا يا اولى الأبصار

[سورة المطففين]

[فاتحة سورة التطفيف]

لا يخفى على من تمكن في جادة العدالة الإلهية ورسخ قدم عزمه وهمته على صراط الاستقامة الحقيقية الموصلة الى ينبوع بحر الوحدة الذاتية ان الانحراف والميل عن مقتضى القسط والإنصاف الإلهي انما هو من طغيان القوى البهيمية ومن استيلاء شياطين الامارة على جنود المطمئنة وغلبة مقتضيات لوازم الإمكان ولواحق الطبيعة المورثة لانواع الخذلان والخسران على القوى الوجوبية والنواميس الإلهية المسقطة للاضافات المانعة من الوصول الى ينبوع الوحدة الذاتية ولا شك

<<  <  ج: ص:  >  >>