للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على حبيبه تعظيما وتفخيما فقال

وَما أَدْراكَ ايها المظهر الكامل اللائق لفيضان الطوارق اللاهوتية مَا الطَّارِقُ حين كنت مقيدا في عالم الناسوت حسب هويتك وبعد ما أطلقك الحق عن قيود عالم الناسوت عرفت ان الطارق الذي يطرقك من عالم اللاهوت وفضاء الجبروت انما هو

النَّجْمُ الثَّاقِبُ اى الجذبة الاحدية المضيئة اللامعة المتشعشعة الناشئة البارقة من عالم العماء الذي هو محل كمال الجلاء والانجلاء الذاتي والجذوة المتشعشعة المشتعلة الساطعة من نار العشق والمحبة المفرطة الإلهية الى شجرة ناسوتك القابلة ذلك بعد ما أمرك بالتجرد عن كسوة ناسوتك أنا الله لا اله الا أنا فاخلع نعليك واطرح لوازم نشأتك بعد ما سمعت يا أكمل الرسل فاسترح في مقعد صدقك عند ربك انك بالوادي المقدس عن رذائل لواحق نشأة الناسوت طوى أى قد طويت دونك العوائق البشرية مطلقا وأنا اخترتك لمظهرية المعارف والحقائق المستلزمة لرتبة الخلافة والنيابة فاستمع لما يوحى إليك من الآيات البينات لمراسم التوحيد واليقين وبالجملة وبحق هذين القسمين العظيمين

إِنْ كُلُّ نَفْسٍ اى ما كل نفس من النفوس الطيبة والخبيثة الكائنة في عالم الكون والفساد لَمَّا اى الا عَلَيْها حافِظٌ من قبل الحق يحفظ لها أقوالها وافعالها وحالاتها حتى يدفعها ويسلمها الى المقادير التي حصلت عنها وصدرت على طبقها حتى جوزيت على مقتضاها وبعد ما سمع الإنسان ما سمع من الحكمة العلية الإلهية

فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ المركب من الجهل والنسيان وليتأمل في منشئه مِمَّ خُلِقَ يعنى فليراجع وجدانه ولينظر مبدأه ومنشأه حتى يظهر له من أى شيء قدر وجوده فيعرف قدره ولم يتعد طوره مع انه انما

خُلِقَ وقدر مِنْ ماءٍ مهين مسترذل دافِقٍ مدفوق مصبوب في الرحم على وجه التلذذ والاضطراب من كلا الجانبين مع انه

يَخْرُجُ ذلك الماء المهين مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ اى من ظهر الرجل وصدر المرأة وبعد ما تأمل الإنسان في مبدئه وعرف اصل نشأته تفطن منه ان وفقه الحق الى قدرة الصانع الحكيم العليم الذي خلقه من هاتين الفضلتين الخبيثتين ورباه الى ان صار بشرا سويا قابلا لفيضان انواع المعارف والحقائق لائقا للخلافة الإلهية مهبطا للوحى والإلهام من لدنه سبحانه وتفطن ايضا بل جزم وتيقن ان من قدر خلقه وإيجاده ابتداء

إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ وإعادته وبعثه من القبور لَقادِرٌ البتة فكيف ينكر قدرته سبحانه على البعث والحشر مع ان الإعادة أهون عنده من الإبداء تأملوا ايها المجبولون على فطرة العبرة والتكليف

يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ وتكشف الستائر ويظهر ما خفى من الضمائر من الإنكار والإصرار وفواسد النيات والأعمال

فَما لَهُ اى للإنسان حينئذ مِنْ قُوَّةٍ يدفع بها عن نفسه ما يترتب على اعماله وأحواله من العذاب والعقاب على وجه الجزاء وَلا ناصِرٍ يدفعه وينصره إذ كل نفس يومئذ رهينة بما كسبت مشغولة بجزاء ما جرت عليه خيرا كان او شرا. ثم اقسم سبحانه بما اقسم لإثبات حقية القرآن وفضله وكونه برئيا عن قدح القادحين وطعن الطاعنين فقال وَالسَّماءِ اى وحق سماء الأسماء اللاهوتية الإلهية التي هي في أعلى درجات الارتفاع ذاتِ الرَّجْعِ والعود إذ تدور على هياكل عالم الناسوت طرفة وترجع في الحال الى عالمها دفعة كالبرق الخاطف ولا تدوم ولا تستقر آثارها الا لأرباب العناية من البدلاء الذين قد بدلت لوازم ناسوتهم بالمرة بخواص اللاهوت وارتفعت البشرية عنهم مطلقا

وَالْأَرْضِ اى ارض الطبيعة والهيولى القابلة لانعكاس ما لمع عليه سماء الأسماء ذاتِ الصَّدْعِ اى التأثر والتشقق بقبول اثر مؤثرات عالم اللاهوت يعنى وبحق هذين القسمين العظيمين

إِنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>