للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على التلقي بالقبول ويوفقك على ما يوصلك الى الفوز والفلاح ويرشدك الى سبيل النجاة والنجاح. ربنا افتح لنا أبواب رحمتك انك أنت الكريم الفتاح

[سورة الغاشية]

[فاتحة سورة الغاشية]

لا يخفى على المحققين المنكشفين بالنشأة الاخروية المتحققين بظهور الحق حسب النشأتين ان وقوف العباد بين يدي الله وعرض الأعمال عليه سبحانه والحساب عليها والجزاء على مقتضاها مشهودة للعارف المحقق مكشوفة عنده في كل آن وزمان وبعد الحساب والجزاء فرقة منهم رابحون مقبولون عند الله وفرقة خاسرون مردودون فالمقبولون في كنف جوار الله مسرورون متنعمون والمردودون في نار القطيعة والحرمان محزومون مطرودون لذلك اخبر سبحانه في هذه السورة على سبيل المبالغة والتأكيد مخاطبا لحبيبه صلى الله عليه وسلم فقال بعد ما تيمن بِسْمِ اللَّهِ القادر المقتدر على عموم مقدوراته حسب النشأتين الرَّحْمنِ على عموم عباده ينبههم نحو المرجع والمعاد الرَّحِيمِ لخواصهم يهديهم الى سبيل الرشاد

[الآيات]

هَلْ أَتاكَ اى قد أتيك ووصل إليك وانكشف لك يا أكمل الرسل حَدِيثُ الْغاشِيَةِ اى الداهية العظيمة التي تغشى الناس وتحيط بهم يوم القيامة بشدائدها حين وقفوا بين يدي الله للعرض والجزاء وهم حينئذ من شدة الهول والفزع حيارى سكارى تائهون هائمون مرعوبون ما يفعل بهم وكيف يحكم عليهم وبعد ما أخذوا للحساب وحوسبوا

وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ ذليلة شاخصة منكوسة

عامِلَةٌ يومئذ باعمال لا تنفعها كالتوبة والتوجه وطلب العفو والمغفرة بعد مضى أوانها ناصِبَةٌ مبالغة في تحمل التعب والمشقة رجاء ان يعفى عنها ويغفر لها مع انها لا ينفعها حينئذ عملها وان اتعب نفسها لانقضاء نشأة الاختبار المأمورة فيها الأعمال بل

تَصْلى بالطرح حينئذ ناراً حامِيَةً في نهاية الحر والحرقة تأكيدا وتشديدا لعذابها

تُسْقى عند الأشراف على الهلاك عن غاية العطش مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ متناهية في الحرارة والسخونة المفرطة وكيف لا وقد أوقدت حولها نار جهنم منذ خلقت هذا شرابهم

ولَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ اى شبرق يابس امر من الصبر وابشع من جميع الأشياء البشيعة ومع نهاية بشاعته ومرارته وشدة حرارته

لا يُسْمِنُ حتى يزيد في قوتهم وَلا يُغْنِي ولا يدفع مِنْ جُوعٍ وبالجملة لا يفيدهم أصلا

ووُجُوهٌ أخر يَوْمَئِذٍ على عكس ذلك إذ هي ناعِمَةٌ متنعمة مبتهجة مسرورة

لِسَعْيِها الذي قد تحملته من انواع المتاعب والمشاق في نشأة الدنيا راضِيَةٌ سيما بعد ما رأت ما ترتب على سعيها من الجزاء وكيف لا ترضى وهي متنعمة يومئذ بسبب ذلك السعى وبالجملة هي متمكنة يومئذ

فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ متعالية أوصاف نزاهتها ونضارتها عن مدارك العقول ومشاعر الخواص مصفاة عن مطلق المكاره بحيث

لا تَسْمَعُ فِيها كلمة لاغِيَةً لا فائدة لها ولتتميم نزاهتها ونضارتها

فِيها عَيْنٌ ماؤها في غاية البياض والصفاء جارِيَةٌ في خلالها وكذلك أنهارها ابدا ولتكميل ترفههم وتنعمهم

فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ مرتفعة عن الأرض على قوائم طوال

وَأَكْوابٌ أوان لا عروة لها مَوْضُوعَةٌ بين أيديهم

وَنَمارِقُ وسائد في غاية الصفاء والبهاء متلونة بألوان مطبوعة مَصْفُوفَةٌ مفروش بعضها في جنب بعض

وَزَرابِيُّ بسط أخر فاخرة متلونة مَبْثُوثَةٌ مبسوطة مفروشة وبالجملة لا تستبعدوا ولا تستغربوا عن قدرة الله أمثال هذا

أَ

<<  <  ج: ص:  >  >>