للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُؤْمِنِينَ بالله وبإرساله الرسل وانزاله الكتب

وَمع هذه الآيات الطاهرة والمعجزات الباهرة قد جئتكم مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ المشتملة على ظواهر الاحكام بل لجميع الكتب المنزلة على عموم الأنبياء والرسل الماضين صلوات الله عليهم أجمعين ولعموم اديانهم وشرائعهم إذ من جملة امارات النبوة والرسالة تصديق الأنبياء والرسل الذين مضوا والكتب التي جاءوا بها من قبله سبحانه وَايضا قد جئتكم لِأُحِلَّ لَكُمْ في دينكم وملتكم المنزل من عند الله على بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ في الأديان الماضية ومن سنته سبحانه نسخ بعض الأديان ببعض وان كان الكل نازلا من عنده ولمية امر النسخ ما مر في سورة البقرة في قوله ما ننسخ من آية الآية وَبالجملة انى قد جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ قاطعة ساطعة نازلة مِنْ رَبِّكُمْ دالة على توحيده سبحانه ناشئة من عنده انما أفردها لان كل واحد من المذكورات يكفى لثبوت نبوته وبعد ما ظهر منه الكل فَاتَّقُوا اللَّهَ واحذروا من غضبه ان لا تؤمنوا له سيما بعد وضوح الدلائل القاطعة وَبالجملة أَطِيعُونِ اى أطيعوني في عموم ما قد جئت به من لدنه سبحانه

إِنَّ اللَّهَ المدبر المصلح لحالي وحالكم هو رَبِّي وَرَبُّكُمْ قد احسن تربيتي وتربيتكم بان أرسلني إليكم وأيدني بأنواع المعجزات فَاعْبُدُوهُ حق عبادته كي تعرفوه حق معرفته واعلموا ان هذا اى طريق العبادة والايمان وسبيل المعرفة والإيقان صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ موصل الى اليقين والعرفان فعليكم ان تسلكوه على الوجه الذي أمرتم بسلوكه والله المستعان يوصلكم الى غاية مبتغاكم ونهاية مقصدكم ومرماكم

فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسى اى أشعر وأدرك بنور النبوة مِنْهُمُ الْكُفْرَ وعدم تأثرهم بالمعجزات الظاهرة والآيات الباهرة قالَ مستفهما مستفسرا إظهارا لمحبتهم واختيارا لهم على مقتضى رفق النبوة مَنْ أَنْصارِي وأعواني في هداية المضلين إِلَى اللَّهِ وطريق توحيده قالَ الْحَوارِيُّونَ اى الجماعة من أصحابه المنسوبة الى الحور الذي هو البياض سموا به لصفاء عقائدهم عن كدورة النفاق والشقاق وخلوص طويتهم بالاتفاق والوفاق نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ وأعوان رسوله ننصرك لدى الحاجة حسب وسعنا وطاقتنا في اجراء أحكامه وتنفيذ أوامره إذ قد كنا آمَنَّا بِاللَّهِ المرسل للرسل الذي نزل الكتاب لتبليغك إيانا وَاشْهَدْ أنت ايها الداعي للخلق الى الحق لنا يوم العرض الأكبر عند الملك المقتدر بِأَنَّا مع كوننا مؤمنين مخلصين مُسْلِمُونَ منقادون مطيعون لما جئت به من عند ربنا لإصلاح حالنا ولما اعترفوا بالإيمان بالله وبنصرة رسوله المبلغ لأحكامه وأشهدوه على ايمانهم وإسلامهم ناجوا مع الله مخلصين مخبتين في سرهم حيث قالوا

رَبَّنا يا من ربانا بإرسال الرسل وإنزال الكتب قد آمَنَّا بتوفيقك وبإرشاد رسلك وهدايتهم بِما أَنْزَلْتَ من الكتاب المبين لأحكامك المتعلقة بسرائر توحيدك وَمع الايمان به قد اتَّبَعْنَا الرَّسُولَ المنزل عليه ممتثلين بجميع أوامره الموصلة الى الكشف والشهود وبالجملة فَاكْتُبْنا بفضلك وجودك مَعَ الشَّاهِدِينَ المشاهدين الذين لا يشاهدون في فضا الوجود سوى شمس ذاتك وتجلياتها

وَبعد ما ظهر عيسى صلوات الله عليه على من ظهر من الكفرة وغلب عليهم قد مَكَرُوا واحتالوا اى الكفرة لدفعه وقتله بان وكلوا عليه من يقتله غيلة وَمَكَرَ اللَّهُ الرقيب عليه المراقب لحفظه في انجائه ورفعه الى السماء وإلقاء شبهه على قالب من اغتال عليه حتى قتل مجانا على مظنة انه هو عليه السّلام مع انه قد رفع الى السماء وَاللَّهُ المنتقم عن من ظلم لأجل من ظلم خَيْرُ الْماكِرِينَ اى أقوى المحتالين واغلبهم على من اغتال عليه

اذكر

<<  <  ج: ص:  >  >>