للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومواخاتهم فناداهم إذ هو ادخل في قبول النصح

وقال يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اى وفقوا على تشريف الايمان مقتضى ايمانكم الاجتناب عن مخالطة الكفار ومواخاتهم وادعاء المحبة والمودة معهم لأنكم إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ طائعين قاصدين اطاعتهم وانقيادهم يَرُدُّوكُمْ البتة بَعْدَ إِيمانِكُمْ وتوحيدكم كافِرِينَ مشركين على ما أنتم عليه في جاهليتكم نزلت في فرقة من الأوس والخزرج كانوا يجتمعون ويتحدثون ويتناشدون فمر على اجتماعهم شاس بن قيس اليهودي فغاظه مواخاتهم ومخالطتهم فأمر بشاب من اليهود ان يجلس إليهم ويذكرهم يوم بعاث وينشد بعض ما قيل فيه وكان الظفر في ذلك اليوم للأوس ففعل فتنازع القوم وتفاخروا الى ان تغاضبوا وتخاصموا وصاحوا السلاح السلاح واجتمع من الجانبين خلق عظيم وتوجه نحوهم رسول الله صلى الله عليه وسلّم وأصحابه وقال لهم اتدعون الجاهلية وانا بين أظهركم بعد ان أكرمكم الله بالإسلام وشرفكم بالإيمان والتوحيد الرافع لجميع الخصومات فعلموا انها نزعة من الشيطان وكيد من قبل عدوهم فالقوا السلاح واستغفروا وتعانقوا وتحابوا وانصرفوا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم

وَلذلك قيل لهم كَيْفَ تَكْفُرُونَ ايها المؤمنون بالله الواحد الأحد الفرد الصمد وَالحال انكم أَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللَّهِ الدالة على توحيده وَمع ذلك فِيكُمْ رَسُولُهُ المرسل إليكم المولى لأموركم وَمَنْ يَعْتَصِمْ منكم بِاللَّهِ ويتبع رسوله المرسل من عنده بتوحيده الذاتي فَقَدْ هُدِيَ واهتدى إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ موصل الى صفاء الوحدة

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا معظم أموركم في محافظة الايمان المؤدى الى الكشف والعيان التقوى والاجتناب عن محارم الله ومنهياته والتحلي بأوامره ومرضياته اتَّقُوا اللَّهَ المطلع لجميع حالاتكم حَقَّ تُقاتِهِ خالية عن الميل الى الرياء والبدع والأهواء المفضية الى الإلحاد والزندقة وَاجتهدوا ايها المؤمنون ان لا تَمُوتُنَّ ولا تخرجن عن هويتكم هذه إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ مخلصون في الاعتصام بحبل التوحيد والايمان مخلصون عن ربقة التقليد والحسبان

وَبعد ما خرجتم عن انانيتكم ايها المخلصون الموقنون اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ الممتد من أزل الذات الى ابد الأسماء والصفات وارفعوا مقتضيات هوياتكم جَمِيعاً عن البين حتى لا يبقى توهم الغير والسوى مطلقا وتخلص نفوسكم عن مشتهياتها ومستلذاتها الفانية وتصل الى الحيوة الازلية والبقاء السرمدي وَلا تَفَرَّقُوا اى لا تشتتوا ولا تفرقوا بمقتضيات أوهامكم المتفرعة على هوياتكم الباطلة عن الجمعية الحقيقية الحقية وَبعد ما وصلتم بمقام الجمعية والوحدة الذاتية اذْكُرُوا ايها العكوس والاظلال نِعْمَتَ اللَّهِ المتجلى فيكم بذاته المتفضل عَلَيْكُمْ بلا عوض ولا غرض سيما وقت إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً بعداء متروكين في ظلمة العدم فَأَلَّفَ سبحانه بتجلياته الجمالية بَيْنَ قُلُوبِكُمْ في فضاء الإمكان بان جعلكم أزواجا وبنين وحفدة متظاهرين بعضكم ببعض على مقتضى الإضافات ورقائق المناسبات الواقعة بين الأسماء والأوصاف الإلهية فَأَصْبَحْتُمْ بعد ما استيقظتم عن منام الإمكان ونعاس الغفلة والنسيان وصرتم بِنِعْمَتِهِ التي هي التوفيق والأقدار على طلب الرشد والرشاد إِخْواناً مجتمعين في فضاء الوحدة بلا توهم الكثرة المستدعية العداوة والخصومة وَالحال انه قد كُنْتُمْ في طغيان الإمكان عَلى شَفا حُفْرَةٍ اى طرف واد غائر قد ملئت مِنَ النَّارِ وأنتم مشرفون بالوقوع فيها الا وهي وادي العدم وغور الإمكان المباين لفضاء الوجود والوجوب المملو بنيران البعد والخذلان فَأَنْقَذَكُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>