للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما يؤذيكم بحيث لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ اى مكرهم وحيلهم شَيْئاً من الضرر إِنَّ اللَّهَ المطلع بسرائرهم وضمائرهم بِما يَعْمَلُونَ من الحيل والمخايل مُحِيطٌ لا يشذ عن علمه شيء ولو خطرة وطرفة وعلى قراءة تعملون بتاء الخطاب كان المعنى ان الله الموفق لكم على دين الإسلام بما تعملون من الصبر والتقوى والتفويض الى المولى محيط حاضر غير مغيب عنكم وعن عملكم

وَاذكر يا أكمل الرسل وقت إِذْ غَدَوْتَ وخرجت أنت مسرعا في الغدوة مِنْ أَهْلِكَ يعنى بيت عائشة رضى الله عنها حال كونك تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ وتريد ان تعين وتهيء لهم مَقاعِدَ امكنة ومواقف لِلْقِتالِ وبعض منهم مع جميع المنافقين يتقاعدون ويسوفون معللين بعلل ودلائل ضعيفة وبعض آخر يريدون الخروج ويرغبونك عليه وَبالجملة اللَّهُ المطلع بضمائر كلا الفريقين سَمِيعٌ لأقوالهما عَلِيمٌ بنياتهما روى ان المشركين نزلوا بأحد يوم الأربعاء ثانى عشر شوال سنة ثلث من الهجرة فاستشار رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالمدينة أصحابه ودعا عبد الله بن ابى ولم يدعه قبل فقال هو واكثر الأنصار أقم يا رسول الله بالمدينة ولا تخرج إليهم فو الله ما خرجنا منها الى عدو الا أصاب منا ولا دخلها علينا الا قد أصبنا منه فكيف وأنت فينا فدعهم فان أقاموا أقاموا بشر محبس وان دخلوا قاتلهم الرجال ورماهم النساء والصبيان بالحجارة وان رجعوا رجعوا خائبين خاسرين وأشار بعضهم الى الخروج فقال عليه السّلام رأيت في منامي بقرة مذبوحة عند حولي فأولتها خيرا ورأيت في ذباب سيفي ثلما فاولته هزيمة ورأيت كأني ادخلت يدي في درع حصينة فأولتها المدينة فان رأيتم ان تقيموا بالمدينة وتدعوهم فقال رجال من المسلمين قد فاتتهم بدر وأكرمهم الله بالشهادة يوم احد اخرج بنا الى أعدائنا فبالغوا حتى دخل ولبس لأمته فلما رأوا ذلك ندموا على مبالغتهم فقالوا يا رسول الله اصنع ما شئت فقال لا ينبغي لنبي ان يلبس لأمته فيضعها حتى يقاتل فخرج بعد صلاة الجمعة وأصبح بشعب من احد ونزل في عدوة الوادي وجعل ظهر عسكره الى احد وسوى صفهم وامر عبد الله بن جبير على الرماة وقال انضحوا عنا بالنبل لا يأتونا من ورائنا وحين استوى الصفوف وبلغوا الشوط قال ابن ابى علام نقتل أنفسنا وأولادنا فانصرف فوقع الخلاف بين المؤمنين فتزلزلوا اذكروا

إِذْ هَمَّتْ وقصدت في تلك الحالة طائِفَتانِ مِنْكُمْ ايها المؤمنون وهما بنو سلمة من الخزرج وبنو حارثة من الأوس وكانا جناحي العسكر أَنْ تَفْشَلا وتنهز ما ضعفا وجبنا وتتبعا اثر ابن ابى فعصمهما الله من متابعة الشيطان وجنوده فمضيا مع رسول الله مستغفرين عما جرى عليهما وَكيف لا يعصمهما عن مخالفة الرسول اللَّهُ القادر المقتدر الذي هو وَلِيُّهُما ومولى أمورهما لذلك ارشدهما الى ما هو أصلح بحالهما وَبالجملة عَلَى اللَّهِ المدبر لمصالح عباده لا على غيره من الوسائل والأسباب العادية فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ حتى يتحققوا بمقام الرضا والتسليم

وَبعد ما قابلتم على العدو لا تيأسوا من نصر الله وتأييده ولا تضعفوا ولا تجبنوا ولا تبالوا بكثرة عددهم وعددهم بل اذكروا وتذكروا لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ الرقيب عليكم بِبَدْرٍ موضع بين مكة والمدينة يتسوق فيه العرب مع قوافل الحجاج وَالحال انه أَنْتُمْ في تلك الوقعة أَذِلَّةٌ ضعفاء في العدد والعدد وعدوكم على العكس بان انزل عليكم من الملائكة جنودا لم تروها فَاتَّقُوا اللَّهَ اليوم من الفرار والانهزام ومخالفة الرسول لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ تلك النصرة فيما مضى.

اذكر لهم يا أكمل الرسل «وقت» إِذْ تَقُولُ أنت يوم بدر لِلْمُؤْمِنِينَ حين حدث في قلوبهم الرعب

<<  <  ج: ص:  >  >>