للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مجازيا لهم تفضلا وامتنانا ثَوابَ الدُّنْيا من النصر والغنيمة والفوز والفتح والظفر على الأعداء والرياسة على الأولياء على احيائهم وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ من المشاهدة والرضا والمكاشفة واللقاء على شهدائهم الذين قتلوا في سبيل الله متشوقين الى الفناء فيه كي يتحققوا ببقائه ويفوزوا بشرف لقائه ولا يحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل احياء الآية وَبالجملة اللَّهُ الهادي لعباده الى فضله في معاده يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ منهم ويرضى عنهم سيما الذين أحسنوا في سبيل الله باذلين مهجهم في طريق توحيده. رب اجعلنا من خدامهم وتراب اقدامهم. ثم لما أراد سبحانه تثبيت المؤمنين على قواعد الإسلام ورسوخهم على مقتضيات شعائر الدين والايمان حذرهم عن اطاعة الكفار ومخالطتهم والاستغاثة منهم والاستكانة إليهم

فقال مناديا لهم يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا منقادين مستنصرين القوم الَّذِينَ كَفَرُوا بتوحيد الله عنادا واعرضوا عن كتبه ورسله تعنتا واستكبارا يَرُدُّوكُمْ البتة بعد هدايتكم وثبوتكم على الايمان عَلى أَعْقابِكُمْ التي قد كنتم عليها من الكفر والطغيان قبل انكشافكم بالتوحيد والايمان وان انقلبتم عليها فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ خائبين خسرانا عظيما وخيبة بليغة فعليكم ان تجتنبوا من موالاتهم ومواخاتهم

بَلِ اللَّهُ المدبر لأموركم هو مَوْلاكُمْ يولى أموركم ويكفى مؤنة أعدائكم متى استعنتم منه واسترجعتم نحوه وَاعلموا ايها المؤمنون المضطرون في الوقائع والخطوب ان موليكم ونصيركم هُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ فاستعينوا منه وتوكلوا عليه ولا تيأسوا وما النصر الا من عند الله العزيز العليم.

ثم قال سبحانه سَنُلْقِي يعنى حين توجهتم إلينا واستعنتم بنا مخلصين نلقى نحن على مقتضى قهرنا وغضبنا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا بتوحيدنا الرُّعْبَ والمخافة منكم مع كونكم مستضعفين في انفسكم وانما نلقيهم ما نلقيهم بِما أَشْرَكُوا اى بشؤم شركهم واشراكهم بِاللَّهِ المنزه عن الأشباه والأنداد ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً اى آلهة وأصناما لم ينزل الله بها عليهم حجة وبرهانا تلجئهم الى عبادتها واطاعتها بل ما اتخذوا كل ما اتخذوا من الآلهة والشركاء الباطلة الا من تلقاء أنفسهم ظلما وعدوانا تعالى عن ذلك علوا كبيرا وَبالجملة ليس مَأْواهُمُ في النشأة الاخرى الا النَّارُ الموعودة المعدة لمن اظلم وافترى على الله واتبع هواه وَبِئْسَ المثوى والمأوى مَثْوَى الظَّالِمِينَ الكافرين الخارجين عن مقتضيات حدود الله وشعائر توحيده ومأويهم.

ثم قال سبحانه تسلية للمؤمنين وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ الرقيب الحفيظ عليكم ايها المؤمنون وَعْدَهُ الذي وعده من النصر والظفر وقت إِذْ تَحُسُّونَهُمْ اى أعدائكم ويحفظ كل منكم مكانه الذي عين له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بِإِذْنِهِ اى باذن الله ووحيه بلا ميل الى الغنيمة والنهب حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ ملتم وانصرفتم الى الغنيمة وخالفتم حكم الله ورسوله وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ اى في امر التبادر والتسابق نحو الغنيمة وَعَصَيْتُمْ اى تركتم اطاعة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ من امارات ما تُحِبُّونَ تطلبون وتوعدون من النصر والظفر المشروط بالتقرر والتمكن وبعد ما رأيتم ما رأيتم قد انقسمتم قسمين مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وحطامها فترك المركز وخالف الأمر وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ فثبت على المركز وحفظ الأمر ولم يذب عن مكانه ثُمَّ لما غيرتم ما في نفوسكم من وفاء عهد الله ورسوله صَرَفَكُمْ اى بعدكم الله عَنْهُمْ وعن أموالهم خائبين فارين وانما فعل بكم سبحانه ما فعل لِيَبْتَلِيَكُمْ ويختبركم ببلاء الهزيمة هل

<<  <  ج: ص:  >  >>