للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأوصياء والمتغلبة من الورثة إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً بلا رخصة شرعية إِنَّما يَأْكُلُونَ ويدخرون فِي بُطُونِهِمْ ناراً معنويا في النشأة الاولى مستتبعا للنار الصوري في النشأة الاخرى إلا وهي نار البعد والخذلان وَهم فيها سَيَصْلَوْنَ ويدخلون سَعِيراً لا نجاة لاحد منه.

ثم لما قدر سبحانه على المتوارثين نصيبا مفروضا على وجه الإجمال أراد ان يفصل ويعين أنصباءهم فقال يُوصِيكُمُ اللَّهُ اى يأخذ منكم العهد ويأمركم محافظته فِي أَوْلادِكُمْ اى الذين استخلفوا عنكم بعدكم وهو ان يقسم متروك المتوفى منكم بينهم لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ لان كل ذكر لا بد له من أنثى او اكثر ليتزوجها حتى يتم امر النظام الإلهي والنكاح المعنوي ويجب عليه حوائجها وكذا لكل أنثى لا بد لها من ذكر ينكحها بعين ما ذكر ويأتى بحوائجها فاقتضت ايضا الحكمة الإلهية ان يكون نصيبهما بقدر كفافهما واحتياجهما لذلك عينه سبحانه هكذا فَإِنْ كُنَّ اى الوارثات نِساءً خلصا ليس بينهن ذكر وهن فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ المتوفى وَإِنْ كانَتْ الوارثة بنتا واحِدَةً فقط فَلَهَا النِّصْفُ مما ترك المتوفى وان كانتا بنتين فقط فقد اختلف فيهما فقال ابن عباس رضى الله عنهما حكمهما حكم الواحدة وقال الباقون حكمهما حكم ما فوق الاثنتين وعلى هذا يكون لفظة فوق مقحما كما في قوله تعالى فاضربوا فوق الأعناق وكذا عين سبحانه نصيب الأبوين فقال وَلِأَبَوَيْهِ اى لأبوي المتوفى لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ المتوفى إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ ذكر او أنثى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ وللأب الباقي. هذا إذا لم يكن له غير الأب والام وارث فَإِنْ كانَ لَهُ اى للمتوفى إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ اى تردون الام من الثلث الى السدس بخلاف الأب فإنهم لا يرثون معه هذه القسمة والأنصباء المعينة انما تكون مِنْ بَعْدِ إخراج وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها من ماله للفقراء أَوْ قضاء دَيْنٍ كان في ذمته وهما ايضا انما يكونان بعد تجهيزه وتكفينه. ثم أشار سبحانه الى ان امر الميراث وتعيين الأنصباء امر تعبدي ليس لكم ان تتخلفوا عنها بمقتضى ميلكم وظنكم الى ان تورثوا بعض الورثة وتحرموا البعض الآخر بل لكم ان لا تتفاوتوا بينهم سواء كانوا آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ إذ لا تَدْرُونَ ولا تعلمون جزما أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً في الدار الآخرة عند الله فعليكم ان لا تتجاوزوا عن قسمة الله بل انقادوا لها واعتقدوها فَرِيضَةً مقدرة مِنَ اللَّهِ صادرة منه سبحانه بمقتضى حكمته المتقنة إِنَّ اللَّهَ المصلح لأحوال عباده كانَ عَلِيماً بحوائجهم حَكِيماً في ضبطها وترتيبها

وَلَكُمْ ايها الأزواج من الذكور نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ من الإناث إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ منكم او من غيركم او ولد ولد وان سفل فَإِنْ كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ او ولد ولد كما ذكر فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ هذه ايضا مِنْ بَعْدِ تنفيذ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِها للفقراء أَوْ أداء دَيْنٍ لازم عليهن وَلَهُنَّ اى للنساء الوارثات الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ ايها الأزواج إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ منها او من غيرها او ولد ولد مثل ما مر فَإِنْ كانَ لَكُمْ وَلَدٌ على التعميم المذكور فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ ذلك ايضا مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِها تقربا الى الله أَوْ قضاء دَيْنٍ لزم على ذمتكم وَإِنْ كانَ المتوفى رَجُلٌ يُورَثُ منه وكان كَلالَةً ليس لها والد ولا ولد أَوِ امْرَأَةٌ كذلك وَلَهُ اى للرجل أَخٌ أَوْ أُخْتٌ من أم لان حكم الأخ والاخت من الأبوين او من الأب سيجيء في آخر السورة فلا بد ان يصرف هاهنا الى ما صرف فَلِكُلِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>