للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأفعالكم ونياتكم فيها بحيث لا يعزب عنه مثقال ذرة لا في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا اكبر.

ثم قال سبحانه مناديا لأهل الايمان إيصاء لهم وتنبيها عليهم يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مقتضى ايمانكم اطاعة الله واطاعة رسوله أَطِيعُوا اللَّهَ بامتثال أوامره واجتناب نواهيه وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ الذي استخلفه من نفسه ليهديكم الى توحيده وَأطيعوا ايضا أُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ وهم الذين يقيمون شعائر الإسلام بين الأنام من الأمراء والحكام والقضاة المجتهدين في تنفيذ الاحكام واستنباطها فَإِنْ تَنازَعْتُمْ أنتم مع حكامكم فِي شَيْءٍ من امور الدين اهو موافق مطابق للشرع المتين او غير موافق فَرُدُّوهُ اى فراجعوا فيه إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ اى الى كتاب الله والى أحاديث رسوله بان اعرضوه عليهما واستنبطوه منهما إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ المجازى لاعمال عباده خيرا كان او شرا وَالْيَوْمِ الْآخِرِ المعد للجزاء ذلِكَ الرد والرجوع خَيْرٌ لكم من استبدادكم بعقولكم وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ومآلا من تأويلكم واحمد عاقبة مما تتخيلونه أنتم برأيكم

أَلَمْ تَرَ ايها الرسول المرسل الى كافة الأنام إِلَى المنافقين الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ من الفرقان الفارق بين الحق والباطل وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ من الكتب المنزلة على اخوانك من الأنبياء عليهم السّلام ومع ادعائهم هذا يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا ويتراجعوا في الخطوب والوقائع إِلَى الطَّاغُوتِ المضل عن مقتضى الايمان والكتب وَالحال انهم قَدْ أُمِرُوا في الكتب المنزلة أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ اى بالطاغوت وَما ذلك الا ان يُرِيدُ الشَّيْطانُ الذي هو رئيس الطواغيت أَنْ يُضِلَّهُمْ عن طريق الحق ضَلالًا بَعِيداً بمراحل عن الهداية الى حيث لا يرجى منهم الاهتداء أصلا

وَإِذا قِيلَ لَهُمْ امحاضا للنصح تَعالَوْا هلموا إِلى امتثال ما أَنْزَلَ اللَّهُ من الكتاب الجامع لجميع الكتب المبينة لطريق الحق الهادية الى توحيده وَإِلَى متابعة الرَّسُولِ المبلغ الكاشف لكم أحكامه رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ الذين في قلوبهم مرض يَصُدُّونَ ويعرضون عَنْكَ وعن عظتك وتذكيرك يا أكمل الرسل صُدُوداً اى اعراضا ناشئا عن محض القساوة والعناد

فَكَيْفَ لا يكونون هؤلاء المفسدون منافقين مع انهم إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ من نفاقهم مع المؤمنين وتحاكمهم نحو الطاغوت وعدم الرضاء بقضائك وحكمك ثُمَّ اى بعد ما أصيبوا جاؤُكَ معتذرين لك يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنا اى ما قصدنا مما جرينا عليه إِلَّا إِحْساناً اى طلبا للخير من الله لإخواننا المؤمنين وَتَوْفِيقاً بينهم. عن ابن عباس رضى الله عنهما ان منافقا نازع يهوديا فدعاه اليهودي الى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والمنافق الى كعب بن الأشرف ثم بعد النزاع والجدال الكثير احتكما الى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فحكم الرسول عليه السّلام لليهودي فلم يرض المنافق بقضائه فقال نتحاكم الى عمر رضى الله عنه فحضرا عنده فقال اليهودي لعمر رضى الله عنه قضا لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فلم يرض فخاصم إليك فقال عمر للمنافق أهكذا قال نعم فقال مكانكما حتى اخرج فدخل بيته وأخذ سيفه فخرج فضرب به عنق المنافق فقال هكذا اقضى لمن لم يرض بقضاء الله وقضاء رسوله فنزل جبريل عليه السّلام وقال ان عمر رضى الله عنه قد فرق بين الحق والباطل فسمى الفاروق

وبالجملة أُولئِكَ الأشقياء المنهمكون في الغي والضلال هم الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ من النفاق والشقاق فلا يغنى عنهم حلفهم الكاذب شيأ من عذاب الله فَأَعْرِضْ أنت ايضا عَنْهُمْ وعن حلفهم عند المؤمنين وَعِظْهُمْ في الخلوات بمقتضى

<<  <  ج: ص:  >  >>