للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للعباد فيه ولا علم لاحد منا في كميته وكيفيته وَكَفى بِاللَّهِ عَلِيماً في عموم مقدوراته وموهوباته هب لنا من لدنك رحمة انك أنت الوهاب ومن أجل اسباب المرافقة مع هؤلاء المقربين الجهاد لذلك أمرهم سبحانه بتهيئة أسبابه والتهيئ له فقال مناديا لهم اهتماما بشأن الجهاد

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مقتضى ايمانكم ترويج دينكم ونصرة نبيكم خُذُوا حِذْرَكُمْ اى عدتكم التي أنتم بها تحذرون عن العدو واستعدوا للقتال وبعد ما تم اعدادكم فَانْفِرُوا واخرجوا قبل العدو ثُباتٍ فرقة بعد فرقة أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً مجتمعين مختلطين إذ الاجتماع ادخل في المهابة

وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ ان أناسا منكم ليتكاسلن ويتثاقلن في الاقدام على الجهاد لنفاقهم ومرض قلوبهم فَإِنْ أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قتل وهزيمة قالَ المنافق المتكاسل قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ بسبب البطء والتأخير إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً حاضرا ليصيبني ما أصابهم

وَلَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ ظفر وغنم لَيَقُولَنَّ متمنيا من فرط تحسره وتحسده بكم كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ من الله يعنى كتحسر الأعداء للأعداء يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً كما فاز هؤلاء.

ثم ان ابطأ المنافقون في امر القتال وتكاسلوا فيه لمرض قلوبهم فَلْيُقاتِلْ المؤمنون المخلصون المبادرون الى الفناء فِي سَبِيلِ اللَّهِ ألا وهم الَّذِينَ يَشْرُونَ ويستبدلون الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ ويبيعونها بها ابتغاء لمرضاة الله تعالى وَبالجملة مَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ترويجا لدينه وإعلاء لكلمة توحيده مع المشركين المعاندين المصرين على الشرك فَيُقْتَلْ في أيديهم أَوْ يَغْلِبْ عليهم فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ من لدنا أَجْراً عَظِيماً تفضلا وإحسانا لا كأجور الدنيا ولا كأجور الآخرة المترتبة على الأعمال الصالحة إذ شهداءهم احياء عند الله واصلون اليه فرحون بما آتاهم الله من فضله والغزاة منهم في حمى الله وكنف حفظه وجواره

وَماذا عرض ولحق لَكُمْ ايها المؤمنون المبشرون بهذه البشارة العظمى لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مع اعداء الله ورسوله وَلا تنقذون الإسراء الْمُسْتَضْعَفِينَ منكم من أيديهم مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ الَّذِينَ قد بقوا في مكة أسارى بعد الهجرة فآذوهم أهلها واستذلوهم الى ان استعبدوهم. وهم الذين يَقُولُونَ من غاية حزنهم واسفهم ونهاية مذلتهم وضعفهم متضرعين الى الله مشتكين نحوه رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها إذ لا طاقة لنا بظلمهم وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يولى أمورنا وينقذنا من أيدي هؤلاء الغواة والطغاة ويخرجنا من بينهم سالمين وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً يا ربنا ينصرنا عليهم لننتقم عنهم فاستجاب الله دعاءهم بان الحق بعضهم الى المهاجرين ونصر بعضهم بالنبي والمؤمنين حين فتحوا مكة شرفها الله فوصلوا الى ما طلبوا من الله

واعلموا ايها المكلفون الَّذِينَ آمَنُوا بالله يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تقربا اليه وطلبا لمرضاته وترويجا لدينه ونصرة على نبيه المبعوث لإعلاء كلمة توحيده فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون وَالَّذِينَ كَفَرُوا بالله يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ المضل عن طريق الحق وسبيل الهداية الى متابعة الشيطان وموالاته فلهم عذاب اليم لا عذاب أشد ايلاما منه فَقاتِلُوا ايها المؤمنون المخلصون بنصر الله أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ ولا تبالوا بعددهم وعددهم إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ ومكره بالنسبة الى كيد الله ومكره قد كانَ ضَعِيفاً بحيث لا عبرة له ولا تأثير أصلا

أَلَمْ تَرَ إِلَى المؤمنين الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ عند ضعفهم ورثاثة حالهم حين كانوا في مكة قبل الهجرة يريدون ان يقاتلوا كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ عن القتال الى ان يأذن الله

<<  <  ج: ص:  >  >>