للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكم به ويرد الأمر عليه وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ اى داوموا على الميل والتوجه المقرب لكم نحو الحق بجميع الأعضاء والجوارح وَآتُوا الزَّكاةَ المصفية لأموالكم ولنفوسكم عن الميل الى زخرفة الدنيا وحطامها وانتظروا للأمر الإلهي المتعلق بالقتال والجهاد فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ ونزل الوحى بعد ما قوى حالهم وزال ضعفهم إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ لضعف اعتقادهم وقلة وثوقهم واعتمادهم بنصر الله وتأييده يَخْشَوْنَ النَّاسَ ويخافون من الكفار كَخَشْيَةِ اللَّهِ اى مثل خوفهم من الله أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً يعنى بل خشيتهم من الناس أشد من خشيتهم من الله لوهن اعتقادهم وضعف اعتمادهم على الله ونصره وعونه إذ هم في أوائل ظهور الإسلام كانوا متزلزلين بحيث لا يصفو يقينهم عن شوب الظن والتخمين وَمن عدم وثوقهم وشدة تذبذبهم وتزلزلهم قالُوا حين سمعوا نزول امر القتال مسوفين مستأخرين رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ مع انا بعد باقون على ضعفنا لَوْلا وهلا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ يزداد فيه قوتنا ويكثر شوكتنا وعدتنا وانما قالوا ما قالوا خوفا من إلمام الموت وفوات المال قُلْ لهم يا أكمل الرسل تذكيرا وتنبيها مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وعمره قصير بالنسبة الى ما عند الله من العطاء الغير المجذوذ وشرف اللقاء وَبالجملة الْآخِرَةُ المعدة للجزاء والعطاء خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى وحفظ نفسه عما يشغله عن لقائه وعطائه سبحانه وَاعلموا ايها المؤمنون انكم لا تُظْلَمُونَ اى لا تنقصون ولا تهملون مما قدر لكم الحق في لوح قضائه فَتِيلًا اى مقدار فتيل النواة واعلموا ايضا ان تسويفكم وتأخيركم هذا لا يفيدكم نفعا في حلول الأجل ونزوله بل وقته مبهم وامره مبرم وحكمه محكم

أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ عند انقضاء الأجل المقدر للحياة من لدنه سبحانه وَلَوْ كُنْتُمْ أنتم متحصنين فِي بُرُوجٍ قلاع وحصون مُشَيَّدَةٍ بأنواع التجصيصات والتشييدات والتحصينات إذ لا مرد لقضاء الله ولا معقب لحكمه بل الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ارادة واختيارا وَمن غاية تزلزلهم وتذبذبهم وعدم رسوخهم وتقررهم في جادة التوحيد واليقين إِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ فتح وغنيمة تسر بها نفوسهم وتنبسط بها قلوبهم يَقُولُوا فرحين هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تفضلا علينا وامتنانا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بلية واختبار بها تنقبض نفوسهم وتتألم قلوبهم يَقُولُوا متطيرين هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ اى أضافوها إليك يا أكمل الرسل متشأمين بك كما تشأمت اليهود حيث قالوا منذ دخل محمد صلّى الله عليه وسلّم المدينة قد نقصت ثمارها وغلت أسعارها قُلْ لهم كلاما ناشئا عن محض الحكمة والإيقان كُلٌّ من الحوادث الكائنة سواء كانت مفرحة او مملة مقبضة او مبسطة نازلة مِنْ عِنْدِ اللَّهِ حسب قدرته وارادته لا يسأل عن فعله ولا يشارك في امره بل له التصرف مطلقا في ملكه وملكوته فَماذا عرض اى اى شيء لحق لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ المنحطين عن درجة التوحيد والعرفان لا يَكادُونَ ولا يقربون يَفْقَهُونَ يعلمون ويفهمون حَدِيثاً في ملكه وملكوته واضحا جليا يخلصهم عن التزلزل والتردد المترتب على الإضافات المنافية لصفاء التوحيد ولو انهم من اهل التدبر والتأمل في سرائر كلام الله ومرموزاته لفتح الله عليهم منه ما يخلصهم عن دغدغة الكثرة مطلقا فكيف عن إضافات الحسنة والسيئة. ثم لما أراد سبحانه ان ينبه على خلص عباده طريق توحيده وان ظهوره سبحانه في عموم مظاهره خير محض ونفع صرف وان الشر الموهوم انما يحصل من الاضافة المعدومة العارضة بسبب التعينات العدمية فقال مخاطبا لرسوله صلّى الله عليه وسلّم لان تحمل أمثال هذه

<<  <  ج: ص:  >  >>