للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخطابات: الصادرة عن محض الحكمة المتقنة انما يليق بجنابه ليصل منه الى أمته

ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ مسرة لنفسك يا أكمل الرسل فَمِنَ اللَّهِ وعلى مقتضى سنته وجرى عادته وظهوره على مظاهره بأنواع الخير والحسنى وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ محزنة مملة لنفسك فَمِنْ نَفْسِكَ تظهر ومن اضافتك تحصل وإلا فكل ما ظهر في فضاء الوجود خير كله إذ لا شر في الوجود أصلا بل هو انما يحصل من الإضافات الحاصلة من الكثرة وَاعلم انا قد أَرْسَلْناكَ يا أكمل الرسل هاديا لِلنَّاسِ رَسُولًا منبها نبه لهم ما نبهت به من لدنا وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً على ارسالك وتبليغك نبه وبلغ جميع ما أرسلت به ونبهت عليه على من أرسلت إليهم وما عليك الا البلاغ المبين

ثم قال سبحانه مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ ويؤمن به ويصدقه بعموم ما جاء به من عند ربه فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ لأنه المظهر الكامل الجامع لجميع أوصافه وأسمائه تعالى وللمظهر الكامل حكم الظاهر فيه وَمَنْ تَوَلَّى واعرض عن اطاعتك اعرض أنت ايضا عنهم ولا تلتفت نحوهم فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً تحفظهم عما يشينهم بل ما أرسلناك الا مبلغا لهم وحى الله داعيا لهم الى طريق الحق وصراط توحيده باذنه

وَممن يحوم حولك يا أكمل الرسل من المنافقين قوم إذا امرتهم بامتثال امر الله يَقُولُونَ في جوابك طاعَةٌ اى اطاعة وامتثال منا لعموم ما أمرت به فَإِذا بَرَزُوا وخرجوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ اى افترت وزورت ولبست غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ عندك او قلت لهم وَبالجملة اللَّهُ المجازى لهم والمحاسب عليهم أعمالهم يَكْتُبُ في صحائفهم ويجازيهم بمقتضى ما يُبَيِّتُونَ ويزورون فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ ولا تبال بإطاعتهم وقبولهم وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ في جميع الأمور واتخذه وليا ونصيرا في عموم الأحوال وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا يكفيك مؤنة ضرهم وشرهم وينتقم لك منهم. ومن جملة نفاقهم وشقاقهم انهم يطعنون في القرآن بأنواع المطاعن تارة ينسبونه الى غير الله وتارة يكذبونه وتارة يقولون هو من أساطير الأولين

أَيترددون أولئك الحمقاء في امره ويطعنون في شانه فَلا يَتَدَبَّرُونَ ولا يتأملون الْقُرْآنَ لفظا ومعنى ظهرا وبطنا دلالة وحكما اقتضاء ونصا اشارة وإيماء تلويحا ورمزا حتى يتفطنوا انه ما هو من جنس كلام البشر وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ اى من جنس كلام البشر لَوَجَدُوا فِيهِ البتة اخْتِلافاً كَثِيراً حسب تفاوت درجات اشخاص البشر

وَمن ضعفة المؤمنين قوم إِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ موجبات الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ اى أفشوه ونشروه سواء كان مطابقا للواقع او اراجيف كاذبة ولحق للمسلمين بسبب تلك الإذاعة والاشاعة ما لا يليق بشأنهم وَلَوْ انهم حين سمعوا الخبر رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ اى اصحاب الرأى والتدبير مِنْهُمْ ليتأملوا فيه ويتبصروا لَعَلِمَهُ ولاستخرج له البتة المجتهدون والمجاهدون الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ ويستخرجون له ولأمثاله مِنْهُمْ ومن علمائهم وجها وجيها موجبا للافشاء او الأسرار ولكان اولى وأليق بحالهم هذا. وبالجملة لا تغتروا ايها المؤمنون بعقولكم ولا تستبدوا بآرائكم وَاعلموا انه لَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ بإرسال الرسل فيكم وإنزال الكتب عليكم وَرَحْمَتُهُ الشاملة بكم بتوفيقكم على الايمان ومتابعة الرسول صلّى الله عليه وسلّم لَاتَّبَعْتُمُ أنتم بأجمعكم البتة الشَّيْطانَ المغوى المضل عن طريق الحق إِلَّا قَلِيلًا منكم. الا وهم الذين استثناهم الله سبحانه في سابق علمه تفضلا عليهم وامتنانا. وبالجملة ان انصرفوا عنك يا أكمل الرسل بالمرة وانفضوا عن حولك بالكلية

فَقاتِلْ أنت يا أكمل الرسل وحدك منفردا بنفسك فِي سَبِيلِ اللَّهِ إذ لا تُكَلَّفُ

<<  <  ج: ص:  >  >>