للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الامارة بالسوء من الجانبين الشُّحَّ اى قد صارت الأنفس حينئذ مطبوعة مرغوبة على إحضار الشح والبخل فيما وجب عليها فلا يسمح كل منهما شيأ من حقه لذلك لم يرتفع النزاع والخصومة وَبالجملة إِنْ تُحْسِنُوا ايها المؤمنون في المعاشرة مع الأزواج وَتَتَّقُوا عن غضب الله بالخروج عن مقتضى حدوده فَإِنَّ اللَّهَ المجازى لعباده كانَ بِما تَعْمَلُونَ من الميل الى المحارم والاعراض عن حدود الله والمخالفة لأمره خَبِيراً يجازيكم على مقتضى خبرته وان كنتم ذوى ازواج متعددة فوق واحدة

وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا وتعاشروا بالقسط بحيث لا يقع التفاوت والتفاضل بَيْنَ النِّساءِ أصلا وَلَوْ حَرَصْتُمْ وبالغتم في رعاية العدل إذ الميل الطبيعي يأبى عن اقامة العدل لذلك قيل لا وجود للاعتدال الحقيقي سيما في أمثاله فَلا تَمِيلُوا اى فعليكم ان لا تميلوا وتجانبوا عن من تميلون عنه كُلَّ الْمَيْلِ حتى تؤدى الى امارات الفرقة فَتَذَرُوها وتتركوها تلك المتروكة كَالْمُعَلَّقَةِ لا أيما ولا ذات بعل وَإِنْ تُصْلِحُوا بعد ما أفسدتم على انفسكم وَتَتَّقُوا عن غضب الله في اضاعة حقها فَإِنَّ اللَّهَ المطلع بعموم ما صدر ويصدر عنكم كانَ غَفُوراً لكم بعد ما تبتم ورجعتم عما صدر عنكم رَحِيماً لكم يقبل توبتكم ان اخلصتم فيها

وَإِنْ يتنازعا حتى يَتَفَرَّقا وارتفع علقة النكاح من بينهما يُغْنِ اللَّهُ المنعم المتفضل كُلًّا منهما عن الآخر مِنْ سَعَتِهِ اى من سعة رحمته وبسطة رزقه وفسحة مملكته وَكانَ اللَّهُ المتفضل على عباده واسِعاً لهم في عطائه حَكِيماً في إعطاء ما ينبغي لمن ينبغي

وَكيف لا يكون سبحانه واسع العطاء إذ لِلَّهِ المنعم المتفضل جميع ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وما بينهما ملكا وخلقا تدبيرا وتصرفا إيجادا واعداما إبقاء وافناء وإذا كان الأمر هذا وهكذا فعليكم ان تتقوا من الله في السراء والضراء والخصب والرخاء وَاعلموا انا لَقَدْ وَصَّيْنَا من مقام فضلنا وجودنا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ اى اليهود والنصارى وجميع من انزل إليهم الكتاب في كتبهم مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ ايضا ايها المحمديون في كتابكم هذا أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ المالك لازمة الأمور بالاستحقاق وأطيعوا امره وتوجهوا نحوه ولا تكفروا به وَإِنْ تَكْفُرُوا به وتعرضوا عنه من غاية جهلكم وعنادكم ولا تعملوا ولا تأتوا بما فرض عليكم إصلاحا لحالكم فاعلموا ان الله الغنى بذاته لا يبالى بكفركم ولا بايمانكم ولا بعملكم ولا بعصيانكم فكيف لا يكون كذلك فَإِنَّ لِلَّهِ المالك للملك بالأصالة والاستقلال رجوع عموم ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ارادة وطوعا وَمع ذلك قد كانَ اللَّهُ القادر المقتدر غَنِيًّا مستغنيا في ذاته عن عموم العالمين وعن جميع اوصافهم ايمانا وكفرا إحسانا وعصيانا حَمِيداً في نفسه حمدا ولم يحمد

وَكيف لا يكون سبحانه غنيا في ذاته حميدا في نفسه إذ ليس في الوجود غيره ولا شيء سواه ليحمده بل لِلَّهِ المنزه المستغنى عن عموم الأكوان الباطلة العاطلة في حدود ذواتها مطلقا كافة ما ظهر فِي السَّماواتِ اى عالم الأسماء والصفات المترتبة على تجليات الذات وتشعشعاتها وَكذا عامة ما انعكس منها فِي الْأَرْضِ اى طبيعة العدم التي هي بمنزلة المرآة المقابلة لها وَبالجملة كَفى بِاللَّهِ اى قد كفى الله المتجلى لذاته بذاته في ملابس أسمائه وصفاته وَكِيلًا في مظاهره ومصنوعاته وفي اظلال أوصافه وعكوس أسمائه وبالجملة ليس نسبتكم الى الله ايها المنهمكون في بحر الغفلة والغرور المحجوبون بحجاب التعينات العدمية الا بالمظهرية والظلية

إِنْ يَشَأْ سبحانه ويرد يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ اى الاظلال المحجوبون عن شمس

<<  <  ج: ص:  >  >>