للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكافرين المجاهرين

وهم الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ وينتظرون لمقتكم وهلاككم ايها المؤمنون المخلصون فَإِنْ كانَ لَكُمْ فَتْحٌ وغنيمة حاصلة مِنَ نصر اللَّهِ عليكم قالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وفي جندكم وعسكركم لم لم تسهموا علينا ولم تخرجوا حقنا من الغنيمة وَإِنْ كانَ لِلْكافِرِينَ المقاتلين نَصِيبٌ حظ من الاستيلاء والغلبة قالُوا للكفرة إظهارا للمظاهرة والمواخاة أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ ولم نستعن عَلَيْكُمْ بالتكاسل والتواني وعدم الإعانة والمظاهرة عليكم وإلقاء الرعب في قلوبهم وَنَمْنَعْكُمْ بهذه الحيل مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فعليكم ان تشاركونا فيما أصبتم منهم إذ كنا متسببين له وبالجملة لا تبالوا ايها المؤمنون بإيمان هؤلاء المنافقين وادعاء وفاقهم ولا بنفاقهم وشقاقهم فَاللَّهُ المطلع لضمائرهم يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ المعد للفصل والانتقام وَان احتجوا عليكم وادعوا الايمان تلبيسا في هذه النشأة لَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ المولى لأمور عباده لِلْكافِرِينَ المنافقين الملبسين عَلَى الْمُؤْمِنِينَ الموقنين المخلصين سَبِيلًا اى حجة ودليلا في النشأة الاخرى إذ فيها تبلى السرائر وتكشف الضمائر وتجزى كل نفس بما تسعى

ثم قال سبحانه إِنَّ الْمُنافِقِينَ

المصرين على النفاق يتخيلون انهم يُخادِعُونَ اللَّهَ

ويلبسون عليه كتخديعهم وتلبيسهم على آحاد المؤمنين

وَالحال انه هُوَ خادِعُهُمْ

وماكرهم باقدارهم على هذا الخداع إذ يترتب عليه من الجزاء ما لو علموا لهلكوا

وَمن جملة نفاقهم وشقاقهم انهم إِذا قامُوا إِلَى

أداء الصَّلاةِ

مع المؤمنين قامُوا كُسالى

مبطئين متكاسلين وليس غرضهم منها سوى انهم يُراؤُنَ

بها النَّاسَ

حتى يظنوا انهم مؤمنون مخلصون

وَمع ذلك لا يَذْكُرُونَ اللَّهَ

في الصلاة إِلَّا قَلِيلًا

منهم وهم الذين قد أخلصوا الايمان في أنفسهم ولم يظهروا به خوفا من إخوانهم وبالجملة اهل النفاق ليسوا من الكافرين عند الكافرين وايضا ليسوا من المؤمنين عند المؤمنين

بل قد صاروا مُذَبْذَبِينَ مترددين بَيْنَ ذلِكَ بحيث لا يعدون ولا ينسبون لا إِلى هؤُلاءِ المؤمنين المخلصين وَلا إِلى هؤُلاءِ الكافرين المصرين المجاهرين بل هم في أنفسهم ضالون وعند الله مردودون وعند الناس مغبونون ملعونون وَبالجملة مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ المذل المضل ويجبله على الضلال فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا الى الهداية أصلا اهدنا بلطفك الى صراطك المستقيم

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مقتضى ايمانكم ان لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ أحباء مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ باتخاذكم وصنيعكم هذا أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ المحاسب المجازى لاعمال عباده عَلَيْكُمْ ايها المتخذون سُلْطاناً مُبِيناً وحجة واضحة على كفركم ونفاقكم واخذكم وانتقامكم إذ من صنيعكم هذا يلوح اثر النفاق والشقاق مع المؤمنين فعليكم ان لا تصاحبوهم ولا تتخذوهم اولياء سيما بعد ورود النهى حتى لا تلحقوا بهم ولا تحشروا في زمرتهم

إِنَّ الْمُنافِقِينَ المصرين على النفاق فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ والدرجة الأرذل الأنزل مِنَ النَّارِ المعدة المسعرة لجزاء العصاة الطغاة الضالين عن طريق الحق وصراطه المستقيم وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً ينصرهم او يشفع لهم وينجيهم منها

إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وندموا عما جرى عليهم من امارات النفاق وَأَصْلَحُوا بالتوبة ما أفسدوا بالنفاق من شعائر الايمان والإسلام وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ الرءوف الرّحيم واتكلوا بفضله ولطفه حين رجعوا اليه وتوجهوا نحوه وَبعد ما تابوا واعتصموا بالله وفضله قد أَخْلَصُوا دِينَهُمْ اى اطاعتهم وانقيادهم لِلَّهِ المنزه عن الشريك والنظير المقدس عن المشير والظهير ليس كمثله شيء وهو السميع البصير فَأُولئِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>