للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نُوراً مُبِيناً الا وهو القرآن العظيم المرشد لكم الى مرتبة التوحيد والعرفان

فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا منكم بِاللَّهِ المتوحد في ذاته وَاعْتَصَمُوا بِهِ وبكتابه ورسوله فَسَيُدْخِلُهُمْ الله بمقتضى فضله فِي رَحْمَةٍ عظيمة وروح دائم ومسرة مستمرة إشفاقا مِنْهُ سبحانه إياهم لا استحقاقا منهم وَفَضْلٍ واحسان امتنانا عليهم وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ اى الى وحدة ذاته صِراطاً مُسْتَقِيماً موصلا الى ذروة توحيده بحيث لا يعرض لهم فيها ضلال وإضلال أصلا.

ثم قال سبحانه يَسْتَفْتُونَكَ يا أكمل الرسل عن ميراث الكلالة كيف يقسم قُلِ لهم اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ في أوائل السورة ويعيدها ايضا في آخرها تأكيدا ومبالغة وهي آخر ما نزلت من الاحكام إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ وحين هلك لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ لا ذكر ولا أنثى وَالحال انه لَهُ أُخْتٌ من الأبوين او الأب فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ الهالك وَكذا ان هلكت امرأة كذلك ولها أخ كذلك هُوَ يَرِثُها جميع مالها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ لا ذكر ولا أنثى فَإِنْ كانَتَا الأختان اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ أخوهما وَإِنْ كانُوا اى الوارثون إِخْوَةً وأخوات مختلطين رِجالًا وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ من متروكات أخيهم وانما يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ حكم الكلالة هاهنا مع انه قد بينها فيما مضى كراهة أَنْ تَضِلُّوا وتغفلوا عنها وَبالجملة اللَّهُ المدبر لعموم مصالحكم بِكُلِّ شَيْءٍ من حوائجكم المتعلقة لحياتكم ومماتكم عَلِيمٌ يعلمكم وينبهكم عليه كيلا تذهلوا وتغفلوا عنه

[خاتمة سورة النساء]

عليك ايها الطالب لتحقيق الحق القاصد نحو توحيده أوصلك الله الى أقصى مرامك ان تتمسك بالبرهان الواضح الذي وصل إليك من قبل الرسول الهادي صلّى الله عليه وسلّم الدال على توحيد الحق وتستضيء دائما من نور القرآن الفارق بين الحق الواقع والباطل في طريقه وتمتثل بما فيه من الأوامر المؤدية اليه وتجتنب ايضا عن نواهيه المضلة المبعدة عنه وتتخلق بعزائمه المكنونة في ضمن الاحكام والقصص المذكورة فيه لتتحقق أنت بما رمز فيه من غوامض سر التوحيد وسريان الوحدة في ملابس الكثرة وتتمكن في مقر الوحدة الذاتية المفنية للهويات الباطلة الزائلة في أنفسها ولا يتيسر لك هذا الا بطول خدمة المرشد الكامل المكمل الذي يرشدك الى سر حبل الله الممدود من أزل الذات الى ابد الأسماء والصفات الا وهو القرآن المنزل على خير الأنام كما قال صلى الله عليه وسلّم القرآن حبل الله الممدود من السماء الى الأرض. ومن أراد ان يغوص في لجج بحار القرآن لاستخراج فرائد اليقين والعرفان فعليه أولا ان يتمسك بالاحكام الشرعية الفرعية التي قد استنبطها ارباب العزائم الصحيحة عن ظواهر كلم القرآن ليكون مهذبا بظواهر اصحاب اليقظة من اهل الطلب والارادة حتى تستعد بها نفوسهم وتتصفى بواطنهم لان يفيض عليها رشحات بحر التوحيد وتصير قابلا لان ينزل عليها سلطان العشق والمحبة إذ الوقاية للب التوحيد والصدف لدر المعرفة انما هي احكام الشريعة وآداب الطريقة للسالكين القاصدين نحو الحقيقة من طريق المجاهدة والسلوك. واما البدلاء المجذوبون المنجذبون المستغرقون في بحر الذات الهائمون بمطالعة جمال الله الفانون فيه مطلقا فهم هو وهو هم مالنا ومالهم حتى نتكلم عنهم جعلنا الله من خدامهم وتراب اقدامهم فعليك ايها المريد العازم لسلوك طريق الفناء الحازم الجازم في هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>