للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَبْسُوطَتانِ ازلا وابدا دائما يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ ويتعلق ارادته لمن يشاء فضلا وجودا ويمنع عن من يشاء عدلا وقهرا وَالله لَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ حقدا وحسدا ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ يا أكمل الرسل انعاما وإكراما لك مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً اجتراء على الله ظلما ومراء بما لا يليق بشأنه وَكُفْراً اى إصرارا وتشددا على ما هم عليه من الشرك والعناد وَبسبب طغيانهم وكفرهم أَلْقَيْنا واوقعنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ بحيث لا يتفقون ولا يوافقون أصلا بل كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ مع المؤمنين وصمموا العزم والجزم أَطْفَأَهَا اللَّهُ المدبر الحكيم بإيقاع المخالفة والعدوان بينهم وَبالجملة هم في أنفسهم يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ دائما مستمرا فَساداً اى لأجل الفساد واثارة الفتن والعناد وَاللَّهُ المصلح لأحوال عباده لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ المعاندين منهم المجترئين على الله وعلى رسوله مكابرة وعنادا

وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ آمَنُوا بك وبكتابك وَاتَّقَوْا عما اجترءوا عليه في حق الله وحقك لَكَفَّرْنا عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ اى محونا عن ديوان أعمالهم عموم سيئاتهم التي كانوا عليها وَلَأَدْخَلْناهُمْ تفضلا منا إياهم وامتنانا لهم جَنَّاتِ النَّعِيمِ منتزهات العلم والعين والحق ان أخلصوا في ايمانهم

وَلَوْ أَنَّهُمْ اى اهل الكتاب أَقامُوا التَّوْراةَ وامتثلوا باوامرها وأظهروا ما فيها من الاحكام والعبر والتذكيرات سيما بعثة محمد صلّى الله عليه وسلّم ونعته وَأقاموا ايضا الْإِنْجِيلَ وأحكامه على وجهها وعملوا بمقتضاها وَكذا جميع ما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لوسع عليهم سبحانه الرزق الصوري والمعنوي الى حيث لَأَكَلُوا الرزق مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ ذكر الجهتين الحقيقيتين يغنى عن الجهات كلها اى كوشفوا بوحدة الله من جميع الجوانب والجهات ولا يرون غير الله في مظاهره ومجاليه مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ معتدلة لا من اهل الإفراط ولا من اهل التفريط يرجى ايمانهم وكشفهم وَان وجد كَثِيرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما يَعْمَلُونَ اى ساء عملهم في الإفراط والتفريط عن جادة الاعتدال والتوحيد

يا أَيُّهَا الرَّسُولُ المبعوث لي كافة الخلق بالعدالة والرسالة العامة والدعوة الى توحيد الذات بَلِّغْ وأوصل عموم ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لتبيين طريق توحيده الذاتي على جميع من كلف به وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ ولم تبلغ امهالا وخوفا فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ التي كلفك سبحانه بتبليغها وبالجملة اعتصم بالله وتوكل عليه في أدائها وَاللَّهُ المراقب لعموم احوالك يَعْصِمُكَ ويحفظك مِنْ شرور النَّاسِ القاصدين مقتك ومساءتك يكفى مؤنة شرورهم ويكف عنك إذا هم بحوله وقوته إِنَّ اللَّهَ المطلع لضمائر عباده ومخايلهم لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ القاصدين مقتك ولا يوصلهم الى ما يدومون بك من المضرة والمساءة

قُلْ لهم يا أكمل الرسل على رؤس الاشهاد بلا مبالاة لهم ولعداوتهم يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ من امر الدين والايمان والإطاعة والانقياد حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَجميع ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وتمتثلوا باحكامها وتتصفوا بما فيها من مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم المرضية عند الله وتحققوا بحقائقها ومعارفها المودعة فيها وَالله لَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ حين سمعوا منك أمثال هذا ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لتأييدك ونصرك طُغْياناً وَكُفْراً من غاية غيظهم وبغضهم معك ومع من تبعك من المؤمنين وبالجملة فَلا تَأْسَ ولا تحزن أنت يا أكمل الرسل عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ الساترين طريق الحق باهويتهم الباطلة وآراءهم الزائغة الفاسدة.

ثم قال سبحانه

<<  <  ج: ص:  >  >>