للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنه بذاته مِنْ أَنْصارٍ ينصرونهم ويشفعون لهم عند أخذ الله إياهم وبطشه

والله ايضا لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا من عدم تحققهم بمقام التوحيد وعدم تنبههم بمرتبة الفناء في الله إِنَّ اللَّهَ المنزه عن التعدد بل عن العدد مطلقا ثالِثُ ثَلاثَةٍ اى واحد منها وأرادوا بالثلثة إياه سبحانه ومريم وعيسى وَالحال انه ما مِنْ إِلهٍ في الوجود والتحقق إِلَّا إِلهٌ اى وجود وموجود واحِدٌ احد صمد فرد وتر محير للعقول والأبصار ماح لظلال السوى والأغيار وَبالجملة إِنْ لَمْ يَنْتَهُوا اى هؤلاء الظلمة الغالون عَمَّا يَقُولُونَ من التثليث والتعدد في الألوهية لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ اى بقوا على كفرهم بلا ايمان الى ان ماتوا عليه عَذابٌ أَلِيمٌ لا عذاب أشد منه الا وهو حرمانهم عن مرتبة التوحيد التي هي مرتبة الخلافة والنيابة

أَيصرون على هذا الكفر والضلال فَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ المنتقم الغيور ولا يؤمنون له وَلا يَسْتَغْفِرُونَهُ عما صدر عنهم من الجرائم العظام حتى يقبل توبتهم وايمانهم وَبالجملة اللَّهِ المنزه في ذاته عن كفرهم وايمانهم غَفُورٌ لهم ان أخلصوا في توبتهم وايمانهم رَحِيمٌ لهم يقبل توبتهم ولا يأخذهم على ما صدر عنهم بعد ما تابوا ورجعوا نادمين

ثم قال سبحانه مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ من الرسل العظام قَدْ خَلَتْ ومضت مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أمثاله في العظمة والكرامة ولم ينسبهم احد الى ما نسبوه وَأُمُّهُ ايضا صِدِّيقَةٌ مقبولة عند الله قد مضت كثيرة مثلها من الصديقات ومن الصادقات المقبولات ولم ينسبها احد ما نسبوها وبالجملة كيف ينسبونهما الى الألوهية مع انهما قد كانا بشرين مركبين يَأْكُلانِ الطَّعامَ ليكون بدلا بما يتحلل والا له مطلقا منزه عن التركيب والتحليل والاكل والشرب والبنوة والأبوة والأمومة وغيرها من أوصاف البشر انْظُرْ ايها الناظر المتعجب كَيْفَ نُبَيِّنُ ونوضح لَهُمُ الْآياتِ اى الدلائل القاطعة الدالة على عدم لياقتهما بمرتبة الألوهية مع انه لكمال ظهور هذه الدعوى ووضوحها لا حاجة الى الدليل أصلا عند من له ادنى مسكة ثُمَّ انْظُرْ وازدد في تعجبك أَنَّى يُؤْفَكُونَ والى اين يصرفون وجوه عقولهم عن طريق الحق وعن سماع كلمة التوحيد

قُلْ لهم يا أكمل الرسل إلزاما وتبكيتا أَتَعْبُدُونَ وتؤمنون مِنْ دُونِ اللَّهِ المتوحد المتفرد بالالوهية والوجود ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ اى اظلالا وتماثيل لا تملك لكم ولأنفسهم لا ضَرًّا وَلا نَفْعاً ولا وجودا ولا حيوة بل ما هي الا تماثيل موهومة وعكوس معدومة تنعكس من اشعة التجليات الإلهية ليس لها في أنفسها ذوات ولا أوصاف ولا آثار وَاللَّهُ المتجلى في الآفاق بكمال الاستقلال والاستحقاق هُوَ السَّمِيعُ في مظاهره لا غير إذ لا غير في الوجود الْعَلِيمُ هو ايضا فيها ولا عالم سواه فله الاستقلال والتصرف التام في ملكه وملكوته بلا مشاركة احد ومظاهرته

قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ يعنى النصارى لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ ونبيكم غَيْرَ الْحَقِّ افتراء ومراء سيما بعد ظهور المبين المؤيد المصدق وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ من اسلافكم إذ هم قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ عن طريق الحق وَمع ذلك ما اقتصروا على الضلال بل أَضَلُّوا كَثِيراً من ضعفاء العوام ايضا وَبالجملة هم قوم قد ضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ بلا هداية هاد مهتد وتنبيه منبه نبيه يهديهم اليه وينبههم عليه وما لكم تضلون أنتم مع وجود المنبه النبيه والهادي المؤيد من عند الله بالهداية العامة الى صراط مستقيم موصل الى مقر التوحيد.

ثم قال سبحانه لُعِنَ اى طرد

<<  <  ج: ص:  >  >>