للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المجازى على أعمالكم بِاللَّغْوِ الصادر منكم فِي أَيْمانِكُمْ بلا قصد وتغرير وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ ويعذبكم بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ اى بالعقود التي أوثقتموها بالإيمان الكاذبة وحنثتم فيها فعليكم بعد ما حنثتم ان تجبروها بالكفارة فَكَفَّارَتُهُ المسقطة لنكاله إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ يعنى لزمكم اطعام هؤلاء مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ على أَهْلِيكُمْ أَوْ لزمكم كِسْوَتُهُمْ اى كسوة هؤلاء على الوجه المذكور ايضا أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ على تفاوت رتبكم ودرجاتكم عسرا ويسرا فَمَنْ لَمْ يَجِدْ منكم شيأ منها فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ اى لزم عليه ان يصوم ثلثة ايام متتالية زجرا للنفس وجبرا لما انكسر من المروءة الفطرية تعمدا وقصدا ذلِكَ المذكور كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ جازمين حقيته وحنثتم فيها واما إذا حلفتم كذبا وزورا تعمدا وقصدا العياذ بالله فنكاله لا يسقط عنكم الا بخلوص التوبة والندامة المؤكدة وَبالجملة احْفَظُوا ايها المؤمنون أَيْمانِكُمْ التي حلفتم بها في مواقعها عن شوب الكذب والريب بل عن شوب الظن ايضا ان أردتم ان تبروا فيها وتقسطوا عند الله كَذلِكَ اى مثل ذلك الذي قد وعظتم به يُبَيِّنُ اللَّهُ المصلح لَكُمْ ولأحوالكم آياتِهِ الدالة على توحيده لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ رجاء ان تتحققوا في مقام الشكر وتصرفوا عموم ما وهب لكم من العطايا الى ما اقتضته حكمته

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مقتضى ايمانكم محافظة حدود الله الموضوعة فيكم لإصلاحكم امرا ونهيا كراهة وندبا حلا وحرمة إِنَّمَا الْخَمْرُ اى مطلق ما يترتب عليه السكر وازالة العقل من اى شيء أخذتم وَالْمَيْسِرُ القمار مع اى شيء لعبتم وَالْأَنْصابُ اى الأصنام الموضوعة لتضليل العباد وَالْأَزْلامُ الموضوعة للاستعلام مما استأثر الله به من غيبه كل من المذكورات رِجْسٌ قذر نجس بواسطة وبلا واسطة إذ الكل مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ حاصل من تغريراته وتسويلاته فَاجْتَنِبُوهُ وابعدوا انفسكم عن كل منها واحفظوها منه لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وتفوزون بما يرضى الله به عنكم ثم أشار سبحانه الى علل تحريمها ودلائلها

فقال إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ المضل المغوى أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ الى حيث يفضى الى المقاتلة والمشاجرة وَيريد ايضا ان يَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَلا سيما عَنِ الصَّلاةِ التي هي معراج المؤمن نحو الحق فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ منها ايها المؤمنون أم مهلكون بارتكابها إذ لا واسطة بينهما ولا عذر

وَبالجملة أَطِيعُوا اللَّهَ المدبر لأموركم في عموم ما أمركم به ونهاكم عنه وَأَطِيعُوا ايضا الرَّسُولَ المبين لكم امر الله ونهيه وَاحْذَرُوا عن جميع ما حذركم الله ورسوله ان كنتم مؤمنين موقنين فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ وأعرضتم بعد وضوح البرهان فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ الظاهر والواضح وعلينا الحساب والأخذ والانتقام والعذاب والنكال. نعوذ بك منك يا ذا القوة المتين

ثم قال سبحانه مرخصا لَيْسَ عَلَى المؤمنين الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ المأمورة لهم جُناحٌ حرج وضيق فِيما طَعِمُوا من المحرمات المذكورة قبل ورود تحريمها إِذا مَا اتَّقَوْا بعد الورود عن غضب الله وَآمَنُوا اى صدقوا تحريمها وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ المرخصة المأمورة على وجهها بلا إخلال ثُمَّ اتَّقَوْا عن رخصها ايضا وَآمَنُوا اى أخلصوا بعزائمها ثُمَّ اتَّقَوْا عن عزائمها ايضا طالبين رضا الله وَأَحْسَنُوا في هذه التقوى ويعبدون الله كأنهم يرونه وَاللَّهُ المحسن المفضل لعباده يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ منهم الطالبين رضاه المتشوقين لقاءه ومن جملة الأمور المحرمة

<<  <  ج: ص:  >  >>