للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البشر انما هي بالتوحيد وإسقاط الإضافات والتوحيد انما يحصل بالإيمان بالله وكتابه وبرسوله قالُوا في الجواب على وجه الحصر والقصر إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ لا نتجاوز عن الصلاح أصلا وما قالوا ذلك ايضا الا تتميما وتأكيدا لخداعهم الفاسد الكاسد وترويجا له على المؤمنين تغريرا وتلبيسا

أَلا تنبهوا ايها المؤمنون الموقنون بكتاب الله المصدقون لرسوله إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ المقصورون على الفساد لا يرجى منهم الصلاح والفلاح أصلا لكونهم مجبولون على الغواية الفطرية والفساد الجبلي وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ بمشاعرهم لغشاوة قلوبهم وأبصارهم واسماعهم

وَمن شدة قسوتهم ونهاية غفلتهم وسكرتهم إِذا قِيلَ لَهُمْ تلطفا ورفقا من جانب نبينا صلّى الله عليه وسلّم او من جانب أصحابه الكرام آمِنُوا بالله وبكتابه ورسوله كَما آمَنَ النَّاسُ الذين نسوا مزخرفات آبائهم بالإيمان بالله وبكتابه ورسوله وفازوا في الدارين فوزا عظيما بسبب ايمانهم وعرفانهم قالُوا في الجواب توبيخا وتقريعا أَنُؤْمِنُ ونصدق بهذا الرجل الحقير الساقط عن أعيننا وبهذه الأساطير الكاذبة ونترك دين آبائنا وأسلافنا كَما آمَنَ السُّفَهاءُ منا التاركون دين آبائهم بتغرير هذا المدعى المفترى أَلا تنبه ايها المبعوث لإهداء المضلين المجبولين على فطرة الهداية إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ المجبولون المقصورون على الغواية في بدأ الفطرة لا يمكنك هدايتهم أصلا لعدم قابليتهم واستعدادهم للايمان وَان ظنوا في زعمهم الفاسد بأنهم من العقلاء لكِنْ لا يَعْلَمُونَ ولا يعقلون أصلا لتركب جهلهم في جبلتهم فيسلب قابليتهم الفطرية

وَمن امارات نفاق هؤلاء الضالين المخادعين انهم إِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا بالله وكتابه ورسوله قالُوا على طريق الاخبار عن الأمور المحققة ترويجا وتغريرا على المؤمنين آمَنَّا بالجملة الفعلية الماضوية بلا مبالغة وتأكيد لحكمهم وجزمهم بسفاهة المؤمنين واعتقادهم بان السفيه يقبل الاخبار بلا تأكيد لعدم تفطنه على انكار المتكلم فنزلوهم وان كان من حقهم الإنكار حقيقة منزلة خالي الذهن لسفاهتهم وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ اى بقوا خالين مع أصحابهم المستمرين على الكفر المجاهرين به بلا خداع ونفاق كالشيطان المصر على الضلال المستمر على الإضلال قالُوا على وجه المبالغة والتأكيد قلعا لما اعتقدوا من ظاهر حالهم ومقالهم موافقتهم مع المؤمنين سرا وجهرا وتحقيقا لمواخاتهم معهم حقيقة إِنَّا وان كنا في الظاهر مداهنون مع أولئك الحمقاء الجاهلين لمصلحة دنيوية متفقون مَعَكُمْ لفائدة دينية وقد أتوا بالجملة الاسمية المصدرة بان تحقيقا واهتماما واعلموا ان قولنا آمنا استهزاء منا إياهم لا تصديق لمدعاهم وبالجملة ما نحن مؤمنون لهم بمجرد هذا القول المزخرف بل إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ مستخفون بهم تجهيلا وتسفيها وتغريرا لهم بمجرد القول الكاذب الغير المطابق للاعتقاد والواقع وبالجملة هم من غاية انهماكهم في الغي والضلال مغرورون جازمون بأنهم مستهزؤن بل ما هم في الحقيقة الا مستهزؤن

إذ اللَّهُ المحيط بجميع مخايلهم الباطلة وافكارهم الفاسدة يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ في كل لحظة وطرفة آنا فآنا وَلم يشعرهم باستهزائه إياهم بل يَمُدُّهُمْ يمهلهم ويسوقهم فِي طُغْيانِهِمْ المتجاوز عن الحد في الضلالة بتلبيس الأمر على الله وعلى المؤمنين يَعْمَهُونَ يترددون اقداما واحجاما

وبالجملة أُولئِكَ البعداء الضالون عن طريق الهداية هم الَّذِينَ اشْتَرَوُا اى استبدلوا واختاروا الضَّلالَةَ المتقررة في نفوسهم بتقليد آبائهم بِالْهُدى المتفرع على الايمان بالله وبرسوله فَما رَبِحَتْ بهذا الاختيار والاستبدال تِجارَتُهُمْ اى ما يتجرون به وَما كانُوا مُهْتَدِينَ رابحين هادين بسبب هذا الاستبدال بل

<<  <  ج: ص:  >  >>