للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكشف والشهود أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي وخرجت عن مقتضى توحيده الذاتي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ هو يوم العرض الأكبر الذي تجزى فيه كل نفس بما تسعى

مَنْ يُصْرَفْ العذاب عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ الحق له وحققه بمقام الكشف والشهود وَذلِكَ التحقق والانكشاف هو الْفَوْزُ الْمُبِينُ لأهل العناية والوصول

وَبعد ما تحققت أنت يا أكمل الرسل بمقام المعرفة وتقررت في مقر التوحيد إِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ المدبر المراقب عليك بِضُرٍّ بلية وعناء لحكمة ومصلحة فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ إذ لا شيء سواه ولا متصرف غيره وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ عطية وغناء وبذل وعطاء فَهُوَ ايضا منه إذ هو عَلى كُلِّ شَيْءٍ من الخير والشر والنفع والضر قَدِيرٌ مقتدر يحيط قدرته بعموم المقدورات والمرادات

وَكيف لا يكون قديرا على كل ما أراد إذ هُوَ الْقاهِرُ العزيز الغالب فَوْقَ عِبادِهِ يتصرف فيهم كيف يشاء بالإرادة والاختيار وَهُوَ الْحَكِيمُ المتقن في تدبيراتهم الْخَبِيرُ بحوائجهم يعطيهم ما ينبغي لهم ويمنعهم عما يضرهم بالإرادة والاختيار وان جادلوك واستشهدوا منك شاهدا على نبوتك ورسالتك

قُلْ لهم إلزاما وتبكيتا أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ وأتم شَهادَةً من الله قُلْ بعد ما تعين ذلك اللَّهُ المحيط بعموم مظاهره ومصنوعاته شَهِيدٌ حاضر بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمن جملة شهادته وحضوره انه قد أُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ الجامع لفوائد الكتب السالفة من عنده لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ ايها المكلفون الموجودون حين نزوله عما يضركم ويغويكم وأبشركم به بما ينفعكم ويهديكم وَكذا مَنْ بَلَغَ له خبر وحيه ونزوله من الأسود والأحمر الى انقراض النشأة الاولى إذ انا ما أرسلت الا الى كافة البرايا بشيرا ونذيرا على مقتضى التوحيد الذاتي أَإِنَّكُمْ ايها المنهمكون في بحر الحيرة والضلال لَتَشْهَدُونَ بعد وضوح البرهان أَنَّ مَعَ اللَّهِ المتوحد بذاته المستقل بالالوهية آلِهَةً أُخْرى مشاركة له في ملكه ووجوده قُلْ لا أَشْهَدُ انا ما تشهدون به أنتم ظلما وزورا بل قُلْ بمقتضى ما كوشفت به إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ متفرد بالالوهية والربوبية ليس لغيره وجود حتى يشارك معه بل لا موجود الا هو ولا اله سواه وَبالجملة إِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ أنتم بالله الواحد الأحد من الاظلال الباطلة والتماثيل العاطلة

ثم قال سبحانه الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ من اليهود والنصارى يَعْرِفُونَهُ اى محمدا صلّى الله عليه وسلّم بحليته وأوصافه المذكورة في كتبهم كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ بلا شائبة شك ووهم وبالجملة الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بالشرك والتحريف فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ به وبنبوته ورسالته عنادا ومكابرة

وَمَنْ أَظْلَمُ عند الله وأوجب للبطش والانتقام مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً وحرف كتابه عنادا أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ المنزلة على رسوله المبين لطريق توحيده مكابرة بلا سند ودليل عقلي او نقلي ومع ذلك يطلبون ويتوقعون الفوز والفلاح من عنده سبحانه إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ الخارجون عن مقتضى العقل والنقل التاركون ايضا متابعة من أيده الحق وأرسله الى الخلق لإشاعة توحيده وتبليغ أحكامه اللائقة بوحدة ذاته ولإزاحة الشرك وإزالته بالمرة

وَاذكر لهم يا أكمل الرسل يَوْمَ نَحْشُرُهُمْ ونجمعهم جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا استهزاء وتفضيحا وتعريضا لهم على رؤس الملأ أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ انهم آلهة مستحقة للعبادة والايمان وتعتقدون انهم يشفعون لكم وينقذونكم من العذاب ائتوا بهم واحضروهم لينقذوكم من عذابنا

ثُمَّ بعد ما سمعوا ما سمعوا لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>