للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْهُمْ ولا تصاحبهم واخرج من بينهم حَتَّى لا تكون أنت سببا لاستهزائهم واستحقارهم وطعنهم ويَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ اى غير القدح والطعن فيه وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ الخروج من بينهم فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى والتذكر البتة مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ الطاعنين على الله المنزه في ذاته عن عموم النقائص بما لا يليق بجنابه

وَان اتفق مجالسة المؤمنين معهم أحيانا ما يلزم ويعود عَلَى المؤمنين الَّذِينَ يَتَّقُونَ عن محارم الله مِنْ حِسابِهِمْ الذي هم يحاسبون عليه ويعاقبون لأجله مِنْ شَيْءٍ من الخطر والذلل وَلكِنْ ان اتفق جمعهم لزمهم ذِكْرى والموعظة الحسنة الناشئة من محض الحكمة إياهم لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ويحذرون عماهم عليه من الاستهزاء والتكذيب تأثرا واستحياء

وَان لم يتأثروا ولم يستحيوا ذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ الذي يدعون الهداية بسببه اى اتركهم مع دينهم يلعبون به لَعِباً وَلَهْواً ويجعلونه ملعبا وملهى ليس لهم منه تأثر أصلا بل يجرونه على اللسان ويلقونه على طرف اللثام وَكيف يتأثرون منه ولا يلعبون معه مع انهم هم قد غَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا بحيث عموا وصموا عن الأمور الاخروية بالمرة وَان أردت ان تذكر بالقرآن ذَكِّرْ بِهِ على من هو على خطر من الله مخافة أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ اى تسلمه وتوقعه النفس العاصية الى الهلاك الأبدي والبوار السرمدي بِما كَسَبَتْ له من العقائد الزائغة والمعاصي العائقة عن اقامة حدود الله إذ لَيْسَ لَها اى للنفس أية نفس كانت مِنْ دُونِ اللَّهِ المدبر المصلح وَلِيٌّ يولى أمرها وينقذها من العذاب وَلا شَفِيعٌ يشفع لها عند الله لتنجو من عذابه وَإِنْ تَعْدِلْ وتفد كُلَّ عَدْلٍ وكل ما يفدى به من امتعة الدنيا وزخارفها لا يُؤْخَذْ ولا يقبل شيء مِنْها اى من الفدية المفداة وبالجملة أُولئِكَ البعداء المطرودون عن روح الله هم الَّذِينَ أُبْسِلُوا وسلموا نفوسهم الى الهلاك بِما كَسَبُوا اى بشؤم ما اقترفت نفوسهم من المعاصي والآثام بحيث يعد ويهيأ لَهُمْ في الآخرة شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ يحرق بطونهم منه ومن مسرة المؤمنين فيها وَعَذابٌ أَلِيمٌ مؤلم منه ومن رفعة مكانتهم عند الله كل ذلك بِما كانُوا يَكْفُرُونَ اى بسبب كفرهم وخروجهم عن حدود الله وان ادعى المشركون حقية دينهم ويدعوا المسلمين اليه

قُلْ لهم يا أكمل الرسل تعليما لمن تبعك أَنَدْعُوا ونعبد مِنْ دُونِ اللَّهِ الخالق الرازق الفاعل المختار بالإرادة والاختيار ما لا يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا اى شيأ لا يقدر على جلب النفع ودفع الضر لنفسه فكيف لغيره وَبعبادة هؤلاء الهياكل لهلكى نُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا التي كنا عليه من الشرك والطغيان سيما بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللَّهُ للطيف الحكيم بنور التوحيد والعرفان كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ اى كالشخص الذي ذهب بعقله اى قد خبلته الشَّياطِينُ والاغوال المضلة وطرحته فِي الْأَرْضِ اى المهاوى العميقة والمهامة البعيدة وصار بسبب هذا حَيْرانَ قلقا حائرا تائها هائما وقد كان لَهُ أَصْحابٌ ورفقة يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى اى الى الطريق السالم الواضح المستقيم صائحا عليه قائلا له ائْتِنا ايها التائه الحائر حتى تهتدى الى الطريق الأقوم ونحن على الجادة المستقيمة ولم يسمع كلامهم ولم يقبل قولهم بل اقتفى اثر الغول المغوى حتى يضل ويهلك قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ الهادي لعباده الى توحيده الذاتي هُوَ الْهُدى المقصور على الهداية الحقيقية الا وهو دين الإسلام المنزل على خير الأنام وَقد أُمِرْنا من عنده سبحانه حسب هدايته وإرشاده إيانا لِنُسْلِمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>