للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذا قد هدينا مِنْ ذُرِّيَّتِهِ اى ذرية ابراهيم داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ اى مثل جزاء هؤلاء الأنبياء المذكورين نَجْزِي عموم الْمُحْسِنِينَ مع الله المتشوقين بشرف لقائه

وَقد هدينا ايضا زَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ كُلٌّ منهم مِنَ الصَّالِحِينَ لعناية الله وهدايته

وَايضا قد هدينا من ذرية ابراهيم إِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَبالجملة كلًّا من هؤلاء المذكورين قد فَضَّلْنا بالحكمة والنبوة عَلَى الْعالَمِينَ اى على عموم الناس الموجودين في زمانهم

وَكذلك مِنْ آبائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوانِهِمْ ممن لم يبلغ منهم مرتبة النبوة والحكمة فضلناهم بأنواع النعم وَاجْتَبَيْناهُمْ وانتخبناهم من بين الناس بأصناف الكرم وَهَدَيْناهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ موصل الى توحيدنا

ذلِكَ اى سبب تقرب هؤلاء الأمناء الكرام هُدَى اللَّهِ اى محض هدايته وعنايته تفضلا عليهم وامتنانا يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ ارادة واختيارا وَالله لَوْ أَشْرَكُوا بالله هؤلاء المهتدون المهديون بان اثبتوا الوجود والتحقق لغيره لَحَبِطَ اى ضاع واضمحل عَنْهُمْ ثواب ما كانُوا يَعْمَلُونَ مدة اعمارهم من الخيرات والمبرات وكانوا في حبوط أعمالهم كسائر المشركين. نعتصم بك من إنزال قهرك يا ذا القوة المتين

أُولئِكَ السعداء الأمناء الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ الجامع المبين لهم طريق تهذيب الظاهر والباطن وَالْحُكْمَ الفارق بين الحق والباطل في الوقائع على مقتضى الحكمة الإلهية وَالنُّبُوَّةَ المقتضية لاهتداء التائهين في بيداء الغفلة والضلال الى طريق التوحيد فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ المضلون الضالون عن طريق الحق يعنى قريشا خذلهم الله فَقَدْ وَكَّلْنا بِها وبمراعاتها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ من اهل العناية والتوفيق

أُولئِكَ المذكورون من الأنبياء هم الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ الهادي إياهم الى توحيده تفضلا عليهم فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ إذ مقصد اهل التوحيد واحد وان كانت الطرق مختلفة متفاوتة قُلْ يا أكمل الرسل لعموم من بعثت اليه كلاما صادرا عن محض الحكمة إشفاقا لهم لا أَسْئَلُكُمْ ولا أطمع منكم عَلَيْهِ اى على تبيين طريق التوحيد وتبليغ أوامر الحق ونواهيه أَجْراً جعلا إِنْ هُوَ وما الغرض من التبيين والتبليغ إِلَّا ذِكْرى وموعظة لِلْعالَمِينَ كي يتنبهوا على مبدأهم ومعادهم وما جبلوا وخلقوا لأجله

وَالقوم الذين أنكروا بعثتك وكذبوا موعظتك يا أكمل الرسل ما قَدَرُوا اللَّهَ المتعزز برداء العظمة والكبرياء حَقَّ قَدْرِهِ ولا قدر حقيته وما عرفوا ظهوره في الآفاق والأنفس واستقلاله بالتصرف فيها إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ الحكيم عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ لهم يا أكمل الرسل تبكيتا وإلزاما مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ اى التورية الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى من عند ربه ومن جعله نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ يستنيرون ويستكشفون منه ويهتدون به الى توحيد الله مع انكم تَجْعَلُونَهُ بأيديكم قَراطِيسَ وقد كانت ألواحا تُبْدُونَها وتظهرون منها ما يصلح لكم ويعين على مدعاكم وَتُخْفُونَ كَثِيراً مما لا يصلح لكم عنادا ومكابرة وَكيف تنكرون انزاله إذ عُلِّمْتُمْ منه ما لَمْ تَعْلَمُوا لا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ من الأمور المتعلقة بالظاهر والباطن قُلْ يا أكمل الرسل في الجواب بعد ما بهتوا اللَّهَ إذ هو المتعين للجواب ولا شيء غيره ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ مع أباطيلهم واراجيفهم يَلْعَبُونَ ويترددون وفي سكرتهم يعمهون فما بقي عليك شيء بعد ما بلغت رسالتك.

ثم قال سبحانه وَهذا كِتابٌ جامع لعموم

<<  <  ج: ص:  >  >>