للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحرومين عن الرزق المعنوي المحرمين لأنفسهم التوجه نحو التوحيد الذاتي في هذه النشأة مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ واظهر لِعِبادِهِ الخلص المخصوصين المختصين من ذرائر الكائنات بتجليات الأسماء والصفات الذاتية وَكذا من حرم الطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ المعنوي والمستلذات الروحانية قُلْ لهم يا أكمل الرسل هِيَ حاصلة حاضرة مشهودة مشاهدة لِلَّذِينَ آمَنُوا بالتوحيد الإلهي فِي الْحَياةِ الدُّنْيا والنشأة الاولى ايضا لكنها مشوبة مخلوطة بالقوى البشرية والكدورات البهيمية فتصير خالِصَةً ممتازة لهم يَوْمَ الْقِيامَةِ بلا شوب كدورة وخلط غفلة حين انتزعوا عن جلباب الهويات الباطلة في البسة التعينات العاطلة مطلقا كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ الدالة على توحيدنا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ علما يقينا ويتوجهون نحو الكشف والعيان

قُلْ يا أكمل الرسل المولى لتدبير مصالح عموم العباد إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ والقبائح الصادرة عن ذوى الأحلام السخيفة والنفوس الخبيثة ما ظَهَرَ مِنْها وسرى أثرها الى الغير من الظلم وشهادة الزور ورمى المحصن والغيبة والنميمة وغيرها من القبائح التي قد صدرت من الالسنة والأيدي وتعدت آثارها الى الغير وَكذا ما بَطَنَ من القبائح التي صدرت من الفروج وما يترتب عليها ويؤدى إليها من مقدماتها وَبالجملة كل ما يوجب الْإِثْمَ المستلزم للانتقام والعقاب شرعا وَالْبَغْيَ اى الخروج على الولاة وجمهور المسلمين بِغَيْرِ الْحَقِّ اى بلا رخصة شرعية وَاعلموا ان أعظم المحرمات جرما وأشدها انتقاما عند الله أَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ الواحد الأحد الفرد الصمد المنزه عن الشركة مطلقا ما اى شيأ من مصنوعاته مع انه لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً اى حجة وبرهانا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ افتراء ومراء ما لا تَعْلَمُونَ ثبوته له لا عقلا ولا نقلا

وَاعلموا ان لِكُلِّ أُمَّةٍ من الأمم العاصية الضالة أَجَلٌ مقدر من عند الله لمقتهم وهلاكهم فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ المقدر المبرم لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ اى لا يسع لهم فيه لا طلب التأخير بمقتضى اهويتهم ولا طلب التقديم تخليصا لنفوسهم من الأذى بل امره حتم نازل في وقته وحينه بلا تخلل تقدم وتأخر لكمال قدرته سبحانه ومتانة حكمه وحكمته

يا بَنِي آدَمَ المستكملين القابلين للإرشاد والتكميل المستعدين لفيضان كمال التوحيد إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ اى ان يأتينكم ويرسلن إليكم رُسُلٌ مِنْكُمْ اى من جنسكم وبنى نوعكم إذ هم ادخل لنصحكم وإرشادكم وانسب لجذب قلوبكم واشفق عليكم من الأجانب حال كونهم يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي المنزلة من عندي الدالة على وحدة ذاتى فعليكم ان تصدقوهم وتؤمنوا لهم وبعموم ما جاءوا به من عندي من الأوامر والنواهي فَمَنِ اتَّقى منكم عن محارم الله بواسطة رسله وآياته وَأَصْلَحَ اى أخلص اعماله لله بلا ترقب على الأجر والجزاء فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ لا في النشأة الاولى ولا في الاخرى وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ عن سوء المنقلب والمثوى

وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا المنزلة على رسلنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها وعن من أنزلت اليه عتوا وعنادا أُولئِكَ المكذبون المستكبرون أَصْحابُ النَّارِ المعدة لجزاء المخذولين من اهل الضلال هُمْ فِيها خالِدُونَ لا نجاة لهم منها أصلا نعوذ بك من سخطك يا ذا القوة المتين وبعد ما أرسل الرسل وانزل الكتب

فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ المنزه عن عموم الفرية والمراء كَذِباً ونسب اليه سبحانه ما لم يصدر عنه افتراء أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ الصادرة عنه عنادا ومكابرة أُولئِكَ المفترون المكذبون يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ اى مما كتب في اللوح المحفوظ وثبت فيه

<<  <  ج: ص:  >  >>