للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومرثد بن سعد في سبعين من أعيانهم وكان إذ ذاك بمكة العمالقة أولاد عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح وسيدهم معاوية بن بكر فلما قدموا عليه وهو بظاهر مكة أنزلهم وأكرمهم فلبثوا عنده شهرا ثم قصدوا البيت ليدعوا الله فقال مرثد والله لا تسقون بدعائكم هذا ولكن ان أطعتم نبيكم وتبتم الى الله ورجعتم نحوه ليسقيكم فقالوا لمعاوية احبس عنا مرثدا لا يقدمنّ معنا مكة فانه قد اتبع دين هود وترك ديننا فحبسه ثم دخلوا مكة فقال قيل اللهم اسق عادا ما كنت تسقيهم فانشأ الله بقدرته سحابات ثلثا بيضاء وحمراء وسوداء ثم نادى مناد من جانب السماء اختر يا قيل لنفسك ولقومك منها فقال اخترت السواد لأنها أكثرهن ماء فخرجت على عاد من واد المغيث فاستبشروا بها واستعجلوا لنزولها فقالوا هذا عارض ممطرنا قيل حينئذ من قبل الحق بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب اليم فجاءتهم ريح عقيم فأهلكتهم بالمرة

فَأَنْجَيْناهُ اى هودا وَالَّذِينَ مَعَهُ مؤمنين بِرَحْمَةٍ نازلة مِنَّا إياهم لإيمانهم بنا وانقيادهم لرسولنا وَقَطَعْنا دابِرَ القوم الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا واستأصلناهم عن آخرهم وَهم ما كانُوا مُؤْمِنِينَ بنا وبنبينا وما كانوا ايضا قابلين مستعدين للايمان

وَلقد أرسلنا ايضا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ اى معجزة ظاهرة الدلالة على صدقى في دعواي نازلة مِنْ رَبِّكُمْ هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ المنتقم الغيور قد أرسلها وأظهرها لَكُمْ آيَةً دالة على صدقى في قولي فَذَرُوها تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ من رزق الله من حيث شاءت وَعليكم ان لا تَمَسُّوها بِسُوءٍ وان آذيتموها واخذتموها بسوء فَيَأْخُذَكُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ مؤلم مقطع مستأصل فعليكم ان تحفظوها وتحافظوا عليها وعلى رعايتها حتى لا ينزل عليكم العذاب

وَاذْكُرُوا ايها المتنعمون نعم الله عليكم وأدوا حقوقها سيما إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ في الأرض مِنْ بَعْدِ عادٍ وَبَوَّأَكُمْ اى مكنكم ووطنكم فِي الْأَرْضِ التي هم فيها حال كونكم تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِها لبنا وآجرا وتبنون قُصُوراً عاليات تسكنون فيها مترفهين وَتَنْحِتُونَ اى تشقون بالمعاول والفئوس الْجِبالَ المتحجرة وتتخذونها بُيُوتاً وأخاديد لحفظ أمتعتكم واقمشتكم من الغارة وغيرها وبالجملة فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ المترادفة المتوالية عليكم وقوموا بشكرها ليزيد عليكم سبحانه ويديم لكم وَلا تَعْثَوْا اى ولا تظهروا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ بغرور الأموال والأولاد والامتعة والعقار

ثم لما سمعوا منه ما سمعوا قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا عن الايمان به والاتباع له مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا اى ضعفائهم وأراذلهم سيما لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بصالح عليه السّلام على سبيل التهكم والاستهزاء أَتَعْلَمُونَ يقينا ايها الحمقى المصدقون له المؤمنون به أَنَّ صالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ الذي ادعى وحدته واستقلاله في الألوهية والربوبية قالُوا اى المؤمنون المخلصون من صفاء عقائدهم ونجابة طينتهم على سبيل التأكيد والمبالغة إِنَّا بِما أُرْسِلَ بِهِ اى بعموم ما جاء به من عند ربه مُؤْمِنُونَ مصدقون موقنون

قالَ الملأ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا عنادا ومكابرة إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ بمتابعة هذا المدعى كافِرُونَ منكرون مكذبون ثم لما كفروا وكذبوا مصرين

فَعَقَرُوا ونحروا النَّاقَةَ المقترحة التي هي آية الله عليهم ووديعة عندهم قد أوصاهم سبحانه ان لا تمسوها بسوء وهم قد أهلكوها عنادا وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ استكبارا وَقالُوا لنبيه بطرا واستهزاء ومراء يا صالِحُ الكذاب المدعى ائْتِنا بِما تَعِدُنا

<<  <  ج: ص:  >  >>