للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما تفرس من الحجب الكثيفة والاغشية الغليظة قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ تستمرون على جهلكم الجبلي لم يؤثر فيكم الآيات الكبرى والبراهين العظمى. وبالجملة أنتم لم تتفطنوا بالوحدة الذاتية مع غاية وضوحها في ذاتها سيما بعد الإيضاح والتوضيح البليغ بالآيات الظاهرة والمعجزات الباهرة

إِنَّ هؤُلاءِ العاكفين الضالين مُتَبَّرٌ مهلك معدوم ما هُمْ فِيهِ من عبادة التماثيل الباطلة العاطلة الهالكة المستهلكة في أنفسها إذ لا وجود لها أصلا وَبالجملة باطِلٌ عاطل ما كانُوا يَعْمَلُونَ اى أعمالهم لها ولأجلها من الإطاعة والانقياد إذ هو اشراك بالله الواحد الواجب الوجود المستقل بالالوهية ما لا وجود له أصلا

ثم قالَ موسى متأسفا مقرعا أَغَيْرَ اللَّهِ الواحد الأحد الفرد الصمد الذي ليس كمثله شيء أصلا أَبْغِيكُمْ واطلب لكم ايها الحمقى العمي الضالون في تيه الغفلة والغرور إِلهاً من مصنوعاته يعبد له بالحق ويتقرب اليه وَالحال انه هُوَ سبحانه قد فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ إذ لا مظهر له أكمل منكم فكيف تعبدون أنتم الفاضلون المكرمون المفضول المرذول وما عرض عليكم ايها الجاهلون الحمقى وما لحق بكم حتى لم تعرفوا مرتبتكم الجامعة الكاملة

وَعليكم ان تعدوا نعم الله التي قد أنعمها عليكم لعلكم تتنبهون على توحيد المنعم اذكروا إِذْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ حين يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ اى يعلمونكم به وذلك انهم يُقَتِّلُونَ أَبْناءَكُمْ حتى لا تستكثروا وتستظهروا بهم وَأقبح منه انهم يَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ ليلحق العار عليكم بتزويجهن بلا نكاح وَبالجملة لكم فِي ذلِكُمْ المذكور من العذاب بَلاءٌ واختبار مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ فأنجيناكم منهم لتقيموا بذكرنا وتواظبوا بشكر نعمنا وتتفطنوا بتوحيدنا واستيلائنا ومع ذلك لم تتنبهوا

وَاذكروا ايضا إذ واعَدْنا مُوسى والزمنا عليه على سبيل النذر والنفل قبل إهلاكنا فرعون بان أخلص لنا ثَلاثِينَ لَيْلَةً من شهر ذي القعدة بان صام فيها وصلّى ان ظفر على فرعون بعد هلاك عدوه حتى ننزل عليه من لدنا كتابا نبين له فيه التدابير المتعلقة لأمور معاش بنى إسرائيل ومعادهم ثم لما أهلكنا العدو ذهب موسى الى ميقاتنا انجازا للموعود المنذور وقبل ما تمت المدة المذكورة قد أنكر موسى خلوف فمه فتسوك قالت الملائكة له قد كنا نشم منك ريح المسك فافسدته بالسواك وَلذلك اى لتداركه وتلافيه قد أَتْمَمْناها اى مدة ميقاتها وأمرناه تلافيا لما أفسده بِعَشْرٍ اى بعشرة ايام أخر من ذي الحجة مضمومة الى ثلثى ذي القعدة كفارة لما فوته بالسواك فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وبعد ما أتمها أنزلنا التورية المبين لهم الاحكام المتعلقة بالأمور الدنيوية والاخروية انجازا لوعدنا إياه وذلك من أعظم النعم وأجل الكرم وَاذكروا ايضا إذ قالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي وصر خليفتي فِي قَوْمِي وذكر لهم مما يتعلق بأمور معاشهم ومعادهم نيابة عنى وَبالجملة أَصْلِحْ بينهم واحفظهم عن زيغ اهل الضلال والإضلال وَلا تَتَّبِعْ أنت ومن معك سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ الذين يفسدون عقائد ضعفاء الأنام بالتمويهات الباطلة والتغريرات العاطلة ومع ذلك قد اتبعتم السامري من خبث طينتكم ورداءة فطنتكم

وَاذكروا ايضا لَمَّا جاءَ مُوسى حين بعثنا إليكم لإصلاح حالكم لِمِيقاتِنا ليناجى معنا ويتوجه بنا وَمن كمال اللطف والجود إياه كَلَّمَهُ رَبُّهُ اى كلم معه لسان مرتبته التي قد حصل له عند الله وانكشف بها من الله إذ لكل ذرة من ذرائر المظاهر مرتبة خاصة وظن مخصوص وانكشاف مستقل بالنسبة الى الله لذلك قال

<<  <  ج: ص:  >  >>