للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واجتمعت الحبتان فيها فاصطادوها يوم الأحد والاثنين وبسبب خداعهم معنا واختراع الحيل لنقص عهودنا نَبْلُوهُمْ نبلاء المسخ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ اى بسبب فسقهم وخروجهم عن مقتضى العهد

وَاذكر إِذْ قالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ اى جماعة من صلحائهم حين قال بعض آخر من الصلحاء ايضا للمحتالين المناقضين على وجه العظة والتذكير لم تحتالون ولم تخادعون مع الله كأنكم لا تخافون من بطشه وانتقامه لِمَ تَعِظُونَ ايها المذكرون المصلحون قَوْماً منهمكين في الغفلة والضلال مع انه اللَّهُ القادر المقتدر المطلع لعموم أحوالهم مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً اى قد أراد الله إهلاكهم او تعذيبهم باشد العذاب بشؤم حيلتهم وخداعهم هذه قالُوا يعنى المذكرين المصلحين تذكيرنا ونصحنا إياهم مَعْذِرَةً ما إِلى رَبِّكُمْ الذي قد أمرنا بنهي المنكر على وجه المبالغة ولتأكيد وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ اى وأيضا ترجو من كرم الله وفضله ان ينتهوا ويحذروا بتذكيرنا إياهم عما هم عليه من الغفلة والضلال

وبالجملة فَلَمَّا نَسُوا واعرضوا عن ما ذُكِّرُوا بِهِ اى من العظة والتذكير ولم يقبلوا من الواعظين المذكرين وعظهم ونصيحتهم أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ متعظين بما ذكروا به وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بالإعراض عنه بِعَذابٍ بَئِيسٍ شديد فطبع بِما كانُوا يَفْسُقُونَ اى بسبب فسقهم واعراضهم

فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ والحاصل انهم ما تكبروا واستكبروا عن امتثال أوامرنا واجتناب نواهينا قُلْنا لَهُمْ على لسان نبيهم داود عليه السّلام كُونُوا ايها المتكبرون المنهمكون في الغي والضلال قِرَدَةً خاسِئِينَ صاغرين مهانين لاستكباركم عن أوامر الله وتكاليفه مع انكم انما جبلتم على تحمل التكليفات الإلهية المستتبعة لرتبة الخلافة والنيابة عنه سبحانه فلما امتنعوا عنها مسخوا عن لوازم الانسانية بالمرة والحقوا باخس الحيوانات وأرذل الأعاجم

وَاذكر لمن تبعك يا أكمل الرسل واتل عليهم كي يتنبهوا وقت إِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ اى قد عزم وكتب على نفسه كأنه اقسم سبحانه لَيَبْعَثَنَّ وليسلطن عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مستمرا دائما مَنْ يَسُومُهُمْ ويعلمهم سُوءَ الْعَذابِ لذلك ما ترى يهوديا في اقطار الأرض الا على مذلة وهوان إِنَّ رَبَّكَ يا أكمل الرسل لَسَرِيعُ الْعِقابِ على من أراد عقابه وَإِنَّهُ ايضا لَغَفُورٌ لمن تاب وأخلص رَحِيمٌ بقبل توبته ويمحو معصيته

وَمن غاية اذلالنا إياهم قَطَّعْناهُمْ وفرقناهم فِي الْأَرْضِ أُمَماً فرقا فرقا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ المؤمنون بالله وملائكته وكتبه ورسله وَمِنْهُمْ دُونَ ذلِكَ اى الطالحون الخارجون عن مقتضى الايمان وَبالجملة قد بَلَوْناهُمْ اى اختبرناهم وحرمناهم بِالْحَسَناتِ اى بالعطاء والانعام وَالسَّيِّئاتِ بالأخذ والانتقام لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ رجاء ان يتنبهوا بنا فيرجعوا إلينا وبعد ما بلوناهم بما بلوناهم

فَخَلَفَ واستخلف مِنْ بَعْدِهِمْ اى بعد انقراضهم خلق خَلْفٌ خلفاء منهم يدعون انهم قد وَرِثُوا الْكِتابَ اى علم التورية منهم مع انهم يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى اى الدنيا مولعين بجمعها وأخذها وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنا اى لن يأخذنا الله ابدا بأخذها وجمعها وَمن غاية حرصهم إِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ بل أضعافه وآلافه يَأْخُذُوهُ بلا مبالاة اتكالا على مغفرة الله وعفوه مع انهم لم يستغفروا اليه أصلا أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثاقُ الله المنزل في الْكِتابَ الذي ادعوا علمه ووراثته بل قد أخذ سبحانه منهم الميثاق في كتابهم على أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا القول الْحَقَّ ولا تنسبوا اليه سبحانه الا الصدق الثابت الذي

<<  <  ج: ص:  >  >>