للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيره من الوسائل والأسباب العادية تُرْجَعُ الْأُمُورُ اى تدابير الأمور الكائنة في عالم الكون والفساد إذ منه بدأ واليه يعود عموم ما هو مثبت وموجود

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مقتضى ايمانكم الاعتصام بحول الله وقوته عليكم إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً من الكفار فَاثْبُتُوا وتمكنوا تجاه العدو ولا تضطربوا ولا تستدبروا وَبعد استقراركم وثباتكم اذْكُرُوا اللَّهَ ذكرا كَثِيراً واستعينوا منه وتوكلوا عليه لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وتفوزون بالنصر والظفر والغلبة والغنيمة ان اخلصتم النية

وَبالجملة أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ في جميع حالاتكم سيما عند المقابلة والمقاتلة مع العدو وَلا تَنازَعُوا بينكم باختلاف الآراء والأهواء بل فوضوا أموركم كلها الى الله ورسوله وان وقع النزاع والمخالفة بينكم فَتَفْشَلُوا وتضعفوا فيفتر عزمكم وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ اى دولتكم وهيبتكم التي قد ظهرت عليكم من نور الإسلام وَبعد ما سمعتم ما سمعتم اصْبِرُوا على مشاق الجهاد ورابطوا قلوبكم الى الله ورسوله إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ المرابطين المتمكنين يعين عليهم وينصرهم

وَلا تَكُونُوا ايها المؤمنون القاصدون نحو الجهاد كَالَّذِينَ اى كالكفار الذين خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ يعنى مكة للقتال بَطَراً مفاخرين مباهين مستظهرين بعددهم وعددهم وَيقصدون بذلك الخروج رِئاءَ النَّاسِ ليثنوا عليهم بالشجاعة والسماحة وَهم بمجرد هذا القصد الفاسد والنية الكاسدة يَصُدُّونَ ويصرفون عباد الله عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ الموضوع على العدل القويم المسمى بالصراط المستقيم وَاللَّهُ المطلع بجميع أحوالهم بِما يَعْمَلُونَ ويأملون من المخايل الفاسدة مُحِيطٌ بعلمه الحضوري يجازيهم عليها بمقتضى علمه وخبرته

وَمن جملة ما يعين عليكم ويمد لنصركم تغرير الشيطان واغراؤه على أعداءكم امدادا لهم ونصرا فيصير وبالا عليهم وخزيا لا عونا ونصرا اذكروا وقت إِذْ زَيَّنَ اى حسن وحبب لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ اى عداوتهم وقتالهم معكم وَقالَ الشيطان تحريضا لهم على القتال ملقيا في روعهم على سبيل الوسوسة حتى تخيلوا انهم لا يغلبون أصلا اعتمادا على كثرة عددهم وعددهم لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ فلكم اليد والغلبة والاستيلاء والصولة والاستعلاء وَإِنِّي جارٌ مجير لَكُمُ مغيث فَلَمَّا تَراءَتِ الْفِئَتانِ اى تلاقيا وتلاحقا فرأى اللعين من صفوف الملائكة ما رأى نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ ورجع قهقرى وَقالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ ومن جواركم إِنِّي أَرى من جنود السماء ما لا تَرَوْنَ أنتم ينزلون منها لامداد هؤلاء باذن الله وبالجملة إِنِّي أَخافُ اللَّهَ من قهره وغضبه وَاللَّهُ القادر المقتدر على وجوه الانتقام شَدِيدُ الْعِقابِ اليم العذاب لا نجاة للعصاة الغواة من عذابه وعقابه

اذكروا وقت إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ اى الذين لم يصف عن شوب الشبهة صدورهم ولم يصلوا الى مرتبة الاطمئنان في الايمان حين خرجتم نحو العدو مجترئين مع قلتكم وكثرة عدوكم قد غَرَّ هؤُلاءِ الحمقى دِينُهُمْ فالقوا أنفسهم الى التهلكة بأيديهم بخروج ثلاثمائة عزل بلا عدة الى زهاء ألف مستعدين فلا تبالوا ايها المطمئنون بالإيمان بهم وبقولهم ولا تفتروا ولا تضعفوا من هذياناتهم بل توكلوا على ربكم وفوضوا أموركم كلها اليه وَاعلموا ان مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ مخلصا فهو حسبه فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غالب في ذاته قادر على اعانة من استعان منه حَكِيمٌ متقن في فعله وامره يفعل ويأمر ما تستبعده العقول وتدهش فيه الأحلام

وَلَوْ تَرى ايها الرائي وقت إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>