للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العياذ بالله فقد حل قتله واستباح دمه على الموحدين المتمكنين الذين يبذلون أرواحهم في ترويج كلمة التوحيد ونصرة الدين القويم والشرع المستقيم لذلك قد فرض الجهاد والغزاء على ارباب الولاء المستمسكين بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها ليكون غزاتهم مع الله في عموم أحوالهم وشهداءهم احياء عند ربهم يرزقون من موائد افضاله ما لم تره عيونهم ولم تشتهيه نفوسهم ولهذا ما خلا نبي من الأنبياء من لدن آدم الى نبينا صلوات الله عليه وعليهم أجمعين من القتال والجهاد بينهم وبين مكذبيهم ومعانديهم كما فصل سبحانه بعض قصصهم وسيرهم في كتابه وأجمل البعض وقال مخاطبا لنبيه منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك والسرفى وجوب القتال للأنبياء والله اعلم ان بعثة الرسل والأنبياء انما هو لإصلاح احوال العباد وإرشادهم الى سبل الخير والصواب في معادهم ومعاشهم وذلك لا يتصور الا بعد ظهور الآراء الباطلة المتخالفة المتداعية الى انواع الاختلال وتزاحم الأهواء الفاسدة المستلزمة للضلال والإضلال وانتشار انواع البدع والجدال ورفع أمثال هذه المفاسد وقمع أهلها وقلع عرقها وأصلها انما هو باستئصال من تمسك بها وظهر عليها ولا يتيسر ذلك الا بالمقاتلة والمشاجرة لذلك قد جرت سنته سبحانه عليها وقد عدها من أفضل العبادات ثم لما كان المشركون المصرون على شركهم من أعدى الأعادي وأشدهم غيظا مع الله تعالى ورسوله وكان عهودهم ومواثيقهم غير معقول في علم الله قد تبرأ سبحانه منهم وامر رسوله ايضا بالتبري عنهم وعن عهودهم ومواثيقهم وان أكدوها وغلظوها

[الآيات]

فقال بَراءَةٌ اى هذه براءة ونقض عهد وإسقاط ذمة ورفع أمان قد كان بينكم ايها المؤمنون وبين المشركين نزلت إليكم مِنَ اللَّهِ المطلع على مخايل اهل الشرك اصالة وَمن رَسُولِهِ تبعا لتنبذوا أنتم وتطرحوا عهودكم ومواثيقكم إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وعليكم ان لا تبادروا ولا تفاجؤا الى المقاتلة بعد نبذ العهد

بل امهلوهم وقولوا لهم فَسِيحُوا اى سيروا ايها المسرفون فِي الْأَرْضِ اى في ارضنا هذا آمنين بلا خوف أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ قيل هي عشرون من ذي الحجة وتمام المحرم والصفر وربيع الاول وعشر من ربيع الآخر واستعدوا في تلك المدة وهيئوا اسباب القتال فيها وَاعْلَمُوا ايها المصرون على الشرك يقينا وان زعمتم أنتم غلبتكم علينا بمظاهرة إخوانكم واستعانة قبائلكم وعشائركم أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ اى لستم أنتم غالبين على الله المتعزز برداء العظمة والكبرياء المتفرد بالمجد والبهاء وَاعلموا ايضا أَنَّ اللَّهَ المنتقم الغيور من عصاة عباده مُخْزِي الْكافِرِينَ اى مهينهم ومذلهم وان امهلهم زمانا بطرين على تجبرهم وتكبرهم

وَايضا هذه أَذانٌ اى اعلام وتشييع ونداء قد صدر مِنَ اللَّهِ وَمن رَسُولِهِ باذنه سبحانه إِلَى النَّاسِ المجتمعين من أقاصي البلاد يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ وصف بالأكبر لان الوقوف بعرفة كان يوم الجمعة لذلك سمى به أَنَّ اللَّهَ اى بان الله المتعزز برداء العظمة والكبرياء بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اى من عهودهم ومواثيقهم مطلقا بحيث لا تؤمنوهم بعد عامكم هذا وَرَسُولِهِ ايضا مأمور من عنده سبحانه بالبراءة منهم ونقض العهد وإسقاط الذمة إليهم وبعد اليوم قد ارتفعت الهدنة وصار الأمر والحكم من الله اما السيف أم الإسلام فَإِنْ تُبْتُمْ ورجعتم عما أنتم عليه من الكفر والشرك الى الايمان والتوحيد فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ في اولاكم وأخراكم وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ وأعرضتم عن الإسلام والايمان وأصررتم على الشرك والطغيان فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ اى لستم غالبين على جنوده سبحانه وَبالجملة بَشِّرِ يا أكمل الرسل الَّذِينَ كَفَرُوا بالله وأصروا عليه ولم يرجعوا عنه

<<  <  ج: ص:  >  >>