للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويفاجئون بالغيظ والسخط إظهارا لما في قلوبهم من الأكنة

وَلَوْ أَنَّهُمْ كانوا مؤمنين كما ادعوا قد رَضُوا في تقاسيم الغنائم وغيرها على ما آتاهُمُ اللَّهُ واعطاهم من فضله إذ هو الحكيم في قسمة أرزاق عباده على تفاوت درجاتهم وَرَسُولُهُ المستخلف له الملهم من عنده وَقالُوا من كمال إخلاصهم وتفويضهم كسائر المؤمنين حَسْبُنَا اللَّهُ المدبر الكافي لأمورنا يكفينا علمه بنا سَيُؤْتِينَا اللَّهُ المتكفل لأرزاقنا مِنْ فَضْلِهِ وسعة لطفه وجوده ما يكفينا وَسيعطينا رَسُولُهُ النائب عنه باذنه من الغنائم والصدقات ما يشبعنا ويغنينا إِنَّا بعد ما قد آمنا بالله وتحققنا بتوحيده بإرشاد رسوله إِلَى اللَّهِ الباقي بالبقاء الأزلي السرمدي لا الى غيره من الاظلال والعكوس والأموال والمزخرفات الفانية راغِبُونَ ليرزقنا من موائد رزقه المعنوي وفوائد توحيده الذاتي اى هم لو رضوا كما رضى المؤمنون الموقنون واعترفوا كما اعترفوا لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا وتقريرا في قلوبهم

ثم بين سبحانه مصارف الصدقات فقال إِنَّمَا الصَّدَقاتُ والزكوات تصرف لِلْفُقَراءِ وهم الذين لا مال لهم ولا مكسب من الحرف وغيرها كأنه يكسر فقار ظهرهم الفاقة والافتقار وَالْمَساكِينِ وهم الذين لهم مكسب وصنعة لكن لا تفي لعيالهم كأن احتياجهم قد أسكنهم في زاوية المسكنة والهوان وَالْعامِلِينَ عَلَيْها اى الساعين لتحصيلها وجمعها وإيصالها الى مصارفها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وهم الذين قرب عهد إسلامهم يجب على المسلمين موانستهم ومواساتهم ليتقرروا على الايمان ويترسخوا في جادة الإسلام وَتصرف منها ايضا على من فِي الرِّقابِ اى فك رقبة من الرق وتحريرها وهو من أهم مهمات الإسلام وَالْغارِمِينَ الذين استغرق أموالهم في ديونهم ولم تف لأدائها تصرف إليهم منها ليؤدوها وَايضا تصرف منها سهم فِي سَبِيلِ اللَّهِ لتجهيز جيوش اهل الجهاد وتهيئة أسبابهم وعددهم إذ هي من أهم مهمات الدين وَابْنِ السَّبِيلِ وهو الذي انقطع وبعد عن الأهل والمال لمصلحة شرعية وبالجملة انما جرى هذه القسمة لهؤلاء المستحقين فَرِيضَةً صادرة مِنَ اللَّهِ مقدرة من عنده ليحافظ المؤمنون عليها وَاللَّهُ المدبر لأمور عباده عَلِيمٌ بمصارف الصدقات حَكِيمٌ في صرفها إياهم تقوية لهم وامدادا

وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ ويسيئون الأدب معه صلّى الله عليه وسلّم وَيَقُولُونَ في حقة افتراء واستهانة هُوَ أُذُنٌ اى سمع كله ليس له درية ودراية وتعمق في المعارف والحقائق بل يسمع منا ويجرى على ما سمع بلا تفتيش وتدبر قُلْ لهم يا أكمل الرسل مبلغا منا ناقلا عنا هو اذن لا اذن شر وفتنة بل أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ ان صدر عنكم ما يتعلق بأمور دينكم موافقا لما امر الله به هو ايضا يقبله منكم لأنه صلّى الله عليه وسلّم يُؤْمِنُ بِاللَّهِ اى يقر ويصدق بوحدانيته وَيُؤْمِنُ ايضا لِلْمُؤْمِنِينَ المخلصين فيما أتوا به من الأعمال والأقوال الصادرة عن محض الإخلاص والطواعية وَكيف لا يكون الرسول اذن خير إذ هو كله رَحْمَةٌ اى شفقة وعطف لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وأخلصوا في ايمانهم وَبالجملة الَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ باى وجه كان لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ في النشأة الاخرى جزاء لما أتوا به من إيذاء رسوله في النشأة الاولى

ومن جملة نفاق المنافقين وشقاقهم انهم يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ اى لتسليتكم وتلبيسكم ايها المؤمنون على ما صدر عنهم من التخلف والتقول على سبيل العذر لِيُرْضُوكُمْ اى لترضوا أنتم عنهم وتقبلوا عذرهم وَاللَّهُ المطلع لضمائرهم وَرَسُولُهُ الملهم من لدنه سبحانه بمخايلهم وأباطيلهم أَحَقُّ وأليق أَنْ يُرْضُوهُ اى رسوله أحق بالإرضاء والمراضاة

<<  <  ج: ص:  >  >>