للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُطِيعُونَ اللَّهَ في جميع حالاتهم اطاعة تفويض وتسليم وَينقادون رَسُولَهُ في عموم ما جاء به ودعا اليه أُولئِكَ السعداء المفوضون أمورهم الى الله المنقادون لرسوله سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ الرقيب عليهم من فضله ولطفه إِنَّ اللَّهَ المدبر لأمور عباده عَزِيزٌ غالب مقتدر على عموم ما أراد بهم حَكِيمٌ متقن في جزائهم حسب أعمالهم واستعدادهم لذلك

وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ متنزهات العلم والعين والحق تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ اى انهار المعارف والمكاشفات المتجددات حسب تجددات التجليات الإلهية خالِدِينَ فِيها ابدا لا يتحولون منها أصلا وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ اى مقرا ومستقرا معدا لهم في مقام التوحيد خاليا عن وصمة الكثرة طاهرا عن لوث السوى والأغيار مطلقا وَبالجملة رِضْوانٌ وقبول مِنَ اللَّهِ المستوي على العدل القويم بحيث لا يسخط لهم أصلا لتحققهم بمقام التخلق بأخلاقه سبحانه بحيث لا يبقى لهم شائبة انحراف عن صراطه المستقيم الذي هو صراط الله الأقوم الأعدل أَكْبَرُ وأكرم وارفع وأعلى من جميع ما ذكر من قبل من الدرجات العلية والمقامات السنية ذلِكَ الرضا من الله والقبول من جانبه هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ واللطف الجسيم لأرباب الولاء الواصلين الى مرتبة الفناء فيه سبحانه والبقاء ببقائه لذلك وعدوا من عنده بما لا يمكن التعبير عن كنهه الا لمن كوشف به وشوهد

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ الهادي لعباد الله الى تلك المرتبة باذن الله جاهِدِ الْكُفَّارَ المتمردين عن الإطاعة والانقياد بإرشادك وتكميلك وَالْمُنافِقِينَ الذين يحيلون ويخدعون معك في اظهار الايمان وهم في سرهم ونجويهم على شركهم وكفرهم الأصلي متقررون ثابتون وَبعد ما أصروا على نفاقهم وشقاقهم اغْلُظْ عَلَيْهِمْ حسب إصرارهم واعراضهم وَلا تبال بهم إذ مَأْواهُمْ ومنقلبهم جَهَنَّمُ البعد والخذلان في الدنيا والآخرة وَبِئْسَ الْمَصِيرُ مصير أولئك المحرومين المطرودين عن ساحة عز القبول

ومن جملة نفاقهم وكفرهم انهم يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ كذبا ومينا انهم ما قالُوا ما قالوا من الطعن في كتاب الله وتكذيب رسوله وَالحال انهم لَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ اى كلمة الطعن والتكذيب المستلزم للكفر فحلفوا على عدم القول كذبا وَهم في أنفسهم قد كَفَرُوا بالحق واعرضوا عنه سيما بَعْدَ إِسْلامِهِمْ اى انقيادهم وتسليمهم اى اختاروا الكفر بعد ما أظهروا الإسلام مرتدين وَمع ذلك ما اقتصروا على اظهار الكفر فقط بل هَمُّوا وقصدوا بِما لَمْ يَنالُوا ولم يصلوا بما أملوا من قتل الرسول والاقتحام عليه بغتة في الليل بلا علم من أصحابه او هموا بإخراجه وبإخراج من معه من أصحابه من المدينة وَبالجملة ما نَقَمُوا وما قصدوا إهلاك رسول الله او إخراجه إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ اى اهل المدينة بسبب رسول الله وأصحابه إذ فتح سبحانه أبواب الرزق والمكاسب عليهم مذ دخلوا المدينة وَرَسُولُهُ ايضا بإعطائه الغنائم إياهم كل ذلك مِنْ فَضْلِهِ سبحانه وهم في مقام الشكر واظهار المنة ينكرون له ويكفرون نعمه وبعد ما وقع ما وقع فَإِنْ يَتُوبُوا عما صدر عنهم توبة صادرة عن محض الندم والإخلاص يَكُ خَيْراً لَهُمْ عند الله يغفر لهم ويعف عن زلاتهم وَإِنْ يَتَوَلَّوْا ويعرضوا عن التوبة ويصروا على ما هم عليه من الكفر والنفاق يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ المنتقم منهم عَذاباً أَلِيماً مؤلما فجيعا فِي الدُّنْيا بالقتل والسبي والاجلاء والإذلال وانواع العقوبات وَفي الْآخِرَةِ بأضعاف ما في الدنيا وآلافها لانحطاطهم عن الرتبة الانسانية وقبول التكليفات الإلهية المقتضية لإظهار الحكمة والكرامة المودعة

<<  <  ج: ص:  >  >>