للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصولهم اليه سبحانه سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ الموفق لهم الرقيب عليهم فِي سعة رَحْمَتِهِ وجوده بعد انقضاء النشأة الاولى إِنَّ اللَّهَ المصلح لأحوالهم غَفُورٌ لما صدر عنهم من المعاصي قبل ايمانهم رَحِيمٌ لهم يقبل بعد ايمانهم وإخلاصهم ما يتقربون به طلبا لمرضاته

وَالسَّابِقُونَ في الايمان المبادرون الى التصديق وقبول الاحكام الْأَوَّلُونَ الأقدمون بمتابعة الرسول صلّى الله عليه وسلّم مِنَ الْمُهاجِرِينَ الذين قد هاجروا من مألوفات نفوسهم ومشتهيات طباعهم الى الفناء في الله وَالْأَنْصارِ الأبرار الذين سلكوا نحو الحق بالرياضات والمجاهدات الشاقة المزيحة لدرن التعلقات ورين الإضافات المانعة من التوجه الحقيقي وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ واقتفوا أثرهم من اهل الطلب والارادة بِإِحْسانٍ اى بلا تمايل الى الرياء والسمعة والعجب والنخوة أولئك المبرورون المقبولون قد رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ لتحققهم بمرتبة الإخلاص والتسليم وَايضا هم قد رَضُوا عَنْهُ سبحانه لإيصالهم الى مقر التوحيد وفضاء الفناء المثمر للبقاء الأبدي والحيوة السرمدية وَأَعَدَّ لَهُمْ سبحانه في حوزة حمايته وروضة بقائه جَنَّاتٍ متنزهات تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ مملوة من مياه العلوم اللدنية والمعارف الحقيقية الحقية خالِدِينَ فِيها أَبَداً لا يتحولون عنها أصلا ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ واللطيف الجسيم لأهل العناية من ارباب المحبة والولاء المنخلعين عن جلباب ناسوتهم بالكلية

وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ ايها المؤمنون مِنَ الْأَعْرابِ الذين يسكنون في البوادي قوم هم مُنافِقُونَ معكم وان أظهروا المودة والإخاء والايمان على طرف اللسان لا تبالوا بايمانهم ولا تغفلوا عن مكرهم وخداعهم وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ايضا قوم قد مَرَدُوا رسخوا وثبتوا عَلَى النِّفاقِ ومن شدة نفاقهم وتمرنهم عليه صاروا بحيث لا تَعْلَمُهُمْ ايها المتصف بالفراسة الكاملة من نهاية تلبيسهم واخفائهم بل نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ونعلم ما في ضمائرهم من الخيالات الفاسدة سَنُعَذِّبُهُمْ في الدنيا مَرَّتَيْنِ مرة بتفضيحهم واظهار ما في قلوبهم من الأكنة والشقاق والشقاوة ومرة بقتلهم وسبيهم واجلائهم ثُمَّ يُرَدُّونَ بعد انقضاء النشأة الاولى إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ هو حرمانهم وانحطاطهم عن المرتبة الكاملة الانسانية التي هي مرتبة الخلافة والنيابة الجامعة لعموم المراتب الكونية والكيانية

وَمن اهل المدينة ايضا قوم آخَرُونَ ليسوا من المصرين على النفاق المتمرنين فيه بل قد اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ التي صدرت عنهم من المخالفة والبغض والطعن والاستخفاف والغيبة حين خلوا مع المنافقين المتمرنين على النفاق وهم وان صدر عنهم الايمان والإخلاص ولكن هم قد خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً من الإخلاص والرضا والتسليم وَعملا آخَرَ سَيِّئاً وهو اتفاقهم مع المنافقين في خوضهم وطعنهم وبذلك قد انحطوا عن رتبة المؤمنين المخلصين في عموم أحوالهم عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ويوفقهم على التوبة والندامة ويقبل منهم توبتهم بعد ما أخلصوا فيها إِنَّ اللَّهَ المصلح لأحوال عباده غَفُورٌ لمن تاب وندم عن ظهر القلب رَحِيمٌ يقبل توبتهم وان افرطوا

خُذْ يا أكمل الرسل مِنْ أَمْوالِهِمْ اى من اموال هؤلاء المذنبين التائبين النادمين عما صدر عنهم من المخالفة حين أذنوا لك ان تخرج أنت منها صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ عن ادناس الطبيعة المولعة لحب المال والحرص في جمعها ونمائها وَتُزَكِّيهِمْ بِها اى تصفى بواطنهم عن الشواغل العائقة عن اللذات الروحانية وَصَلِّ عَلَيْهِمْ واستغفر لذنوبهم وادع لهم بالدعاء الخير

<<  <  ج: ص:  >  >>