للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنَّ صَلاتَكَ إياهم والتفاتك بحالهم سَكَنٌ لَهُمْ وسكينة لقلوبهم ووقار وطمأنينة لنفوسهم وسبب لتقررهم وتثبتهم على جادة التوحيد والايمان وَاللَّهُ المراقب عليهم في عموم حالاتهم سَمِيعٌ لإخلاصهم ومناجاتهم عَلِيمٌ بنياتهم وحاجاتهم

أَلَمْ يَعْلَمُوا أولئك التائبون النادمون المخلصون المتضرعون المسترجعون نحو الحق على عفو زلاتهم وتقصيراتهم أَنَّ اللَّهَ المصلح لأحوالهم هُوَ سبحانه بلطفه وفضله يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ خلص عِبادِهِ بعد ما وفقهم عليها ويتجاوز عن سيئاتهم وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ من أموالهم اى يقبلها منهم تطهيرا لقلوبهم عما يشوشهم من رذائل هوياتهم وأثقال تعيناتهم ليشمروا نحو الحق محقين وَلم يعملوا أَنَّ اللَّهَ المتفضل لعباده هُوَ التَّوَّابُ الرجاع لهم من مقتضيات نفوسهم نحو جنابه الرَّحِيمُ عليهم يوصلهم الى بابه ان أخلصوا في سلوكهم وتوجههم

وَقُلِ يا أكمل الرسل للمتخلفين من الاعراب اعْمَلُوا ما شئتم من الكفر والنفاق فَسَيَرَى اللَّهُ الرقيب عليكم عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ايضا بوحيه سبحانه والهامه وَالْمُؤْمِنُونَ ايضا بتبليغه صلى الله عليه وسلّم وَاعلموا ايها الغواة الطغاة المحرومون سَتُرَدُّونَ للحساب والجزاء إِلى عالِمِ الْغَيْبِ اى السرائر والخفايا التي أنتم تسرونها من الكفر والمعاصي وانواع الضلالات والجهالات وَالشَّهادَةِ اى التي أنتم تعلنون بها فَيُنَبِّئُكُمْ ويخبركم سبحانه على التفصيل الذي صدر عنكم بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ من طغيان نفوسكم ويجازيكم عليها

وَآخَرُونَ من المتخلفين بعد ما تنبهوا بقبح صنيعهم مُرْجَوْنَ مؤخرون منتظرون لِأَمْرِ اللَّهِ وحكمه وصاروا مترددين بين الخوف والرجاء في ما فعل الله معهم إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ أخذا على ما قد صدر عنهم بمقتضى عدله وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ ويوفقهم على التوبة حسب فضله وسعة رحمته وَاللَّهُ المطلع لخفيات صدورهم عَلِيمٌ باخلاصهم ونياتهم حَكِيمٌ في فعله بهم بعد علمه بحالهم

وَمن أشد الاعراب كفرا ونفاقا وأغلظهم بغضا وشقاقا هم الَّذِينَ اتَّخَذُوا تلبيسا وتغريرا مَسْجِداً قاصدين في بنائه ضِراراً مضرة وسوأ لرسول الله وللمؤمنين وَكُفْراً اى اشتدادا وزيادة فيه إذ هم قد قصدوا ببنائه وإنشائه قتل رسول الله ومن معه من المؤمنين فيه وَقصدوا ايضا تَفْرِيقاً وتشتيتا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ المجتمعين في مسجد قباء وَبالجملة انما يبنونه إِرْصاداً اى ترقبا وانتظارا لِمَنْ حارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وهو ابو عامر الراهب الذي حارب مع المؤمنين مِنْ قَبْلُ يوم حنين فانهزم فهرب الى الشأم ليذهب الى قيصر فيأتى بجنود وهم منتظرون مجيئه وَبعد ما قد ظهر نفاقهم وخداعهم بوحي الله والهامه على رسوله لَيَحْلِفُنَّ وليقسمن بالإيمان الغليظة إِنْ أَرَدْنا وما قصدنا ببنائه إِلَّا الْحُسْنى والخير والصلاة المقربة لنا نحو الحق والذكر والتسبيح والتوسعة على المؤمنين وازدياد شعائر الإسلام ومعالم الدين القويم وَاللَّهُ المطلع لضمائرهم ومخايلهم يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ في حلفهم وايمانهم هذه وإذا عرفت يا أكمل الرسل حالهم وحلفهم وسوء قصدهم وفعالهم

لا تَقُمْ فِيهِ اى في المسجد الضرار أَبَداً للتوجه والصلاة إذ هو مبنى على الخداع والتزوير والله لَمَسْجِدٌ مبارك قد أُسِّسَ وبنى عَلَى التَّقْوى عن مطلق المحارم خالصا لرضاه سبحانه مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ بنى وهو مسجد قباء أَحَقُّ أليق واولى أَنْ تَقُومَ أنت يا أكمل الرسل فِيهِ للصلاة والميل نحو الحق والمناجاة معه سبحانه مع انه فِيهِ وفي حواليه رِجالٌ مؤمنون مخلصون كاملون في الايمان بحيث يُحِبُّونَ دائما مستمرا

<<  <  ج: ص:  >  >>