للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عموم ما ظهر على ما هو عليه من العدم وَكيف لا يقدر سبحانه على اعادتهم احياء بعد اماتتهم للحساب والجزاء وتعديد الأعمال والأحوال مع انهم بعموم أحوالهم وأعمالهم وذواتهم وصفاتهم إِلَيْهِ سبحانه لا الى غيره من الوسائل والأسباب العادية تُرْجَعُونَ رجوع عموم الأضواء والاظلال الى الشمس وذي الظل

يا أَيُّهَا النَّاسُ الناسون المنشأ الأصلي والموطن الحقيقي قَدْ جاءَتْكُمْ لإيقاظكم وانتباهكم مَوْعِظَةٌ وتذكرة ناشئة مِنْ رَبِّكُمْ الذي رباكم على فطرة الهداية والدراية وَاعلموا ايها المكلفون ان تذكرتكم هذه شِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ يعنى تشفى هذه التذكرة عليكم وتزيل عطش غليلكم وأكنتكم المستكنة في صدوركم وَايضا هي هُدىً يهدى ارباب العناية والقبول الى مقر الوحدة ومنزل الوصول وَبالجملة هي رَحْمَةٌ عامة شاملة لِلْمُؤْمِنِينَ اى لعموم ارباب البر والقبول الموفقين على الانابة والرجوع من لدنه سبحانه فعليكم ايها الأحرار ان تتعظوا وتتذكروا بحكمه وأحكامه وتتأملوا في رموزه وإشاراته وتدربوا في مفاتحه ومطالعه حتى تنكشفوا منه بقدر وسعكم وطاقتكم بما تنكشفون والله هو الهادي الى جنابه من يشاء من عباده وهو العزيز الحكيم

قُلْ يا أكمل الرسل لمن تبعك من المؤمنين إرشادا لهم وتذكيرا بِفَضْلِ اللَّهِ المحسن المتفضل وبحسن قبوله وبشرف عز حضوره وَكذا بِرَحْمَتِهِ اى بمقتضى سعة رحمته الواسعة المتسعة لعموم مظاهره ومصنوعاته فليبسطوا وليتشرفوا فَبِذلِكَ التلذذ والحضور الحقيقي فَلْيَفْرَحُوا بدل ما لم يتلذذوا ولم يفرحوا بالمستلذات الجسمانية الفانية المتناهية وبالجملة هُوَ اى سروركم وفرحكم الروحاني خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ من اهوية نفوسكم ومقتضيات هوياتكم ان كنتم موقنين مخلصين

قُلْ أَرَأَيْتُمْ اى أخبروني كيف كفرتم وتصرفتم في ما أَنْزَلَ اللَّهُ المدبر لأموركم لَكُمْ لمعاشكم وتقوية امزجتكم مِنْ رِزْقٍ مسوق نحوكم محصل بأسباب سماوية مباح لكم فَجَعَلْتُمْ أنتم من تلقاء انفسكم مِنْهُ حَراماً وَحَلالًا يعنى قد حرمتم أنتم على انفسكم بعضه وحللتم بعضا آخر بلا ورود وحى وشرع ونزول الهام وكتاب قُلْ لهم يا أكمل الرسل على سبيل المبالغة والإلزام والافحام آللَّهُ أَذِنَ لكم بهذه التفرقة والقسمة ايها المسرفون المفسدون أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ أنتم بنسبتها اليه

وَما ظَنُّ اى اىّ شيء هو زعم أولئك المسرفين المفترين الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ بأنهم لم يحاسبوا ولم يؤاخذوا ولم يجازوا يَوْمَ الْقِيامَةِ والجزاء على افترائهم على الله ما لم يصدر عنه ولم يوح منه بلى انهم مؤاخذون على اجترائهم على الله وافترائهم إياه سبحانه سيما بعد ورود انواع الزواجر والروادع من الآيات البينات والمعجزات الباهرات الظاهرات الدالة على امتناع هؤلاء الغواة الطغاة من غوايتهم وطغيانهم فلم يمتنعوا وبالجملة إِنَّ اللَّهَ المدبر المصلح لأحوال عباده لَذُو فَضْلٍ عظيم ولطف عميم عَلَى النَّاسِ بانزال الكتب وإرسال الرسل المنبهين عليهم بما هو الأصلح لهم وأليق بحالهم وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لفرط جهلهم وخبث طينتهم لا يَشْكُرُونَ نعمه بل ينكرون عليها ويكفرون بها عنادا ومكابرة

وَكيف ينكرون رسالتك من الله والوحى النازل إليك يا أكمل الرسل من لدنه سبحانه تأييدا لك وتعظيما لشأنك مع انك ما تَكُونُ أنت يا أكمل الرسل فِي شَأْنٍ ولست أنت في امر من ادعاء الرسالة من الله ودعوى التشريع من لدنه سبحانه بلا اذن منه وبلا وحى والهام نازل من عنده وَايضا ما أنت تَتْلُوا مِنْهُ اى من كلامه

<<  <  ج: ص:  >  >>