للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأتعبت نفسك ولكن الله يهدى من يشاء وهو العزيز الحكيم وَمن جملة حكمته سبحانه انه يَجْعَلُ الرِّجْسَ اى الخذلان والحرمان ابدا عَلَى الكافرين الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ ولا يستعملون عقولهم التي هي مناط التكاليف الإلهية الى ما خلقوا لأجله ولا يتفكرون ولا يتأملون في الآثار الصادرة من القادر المختار حتى ينكشفوا بتوحيده

قُلِ لهم يا أكمل الرسل على مقتضى رتبة النبوة تهييجا لهم وتحريكا على ما في استعداداتهم وقابلياتهم انْظُرُوا ايها المجبولون على النظر والتأمل ماذا اى اى شيء وذات عظيمة وسلطنة غالبة قاهرة قد ظهر بحسب أسمائه وصفاته فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ اى مظاهر العلويات والسفليات والغيوب والشهادات وَان كان ما تُغْنِي ولا تكفى الْآياتُ الدالة على وحدة الذات المتجلية في عموم الكوائن والجهات وَلا تكفى ايضا النُّذُرُ المبينون المنبهون على مدلولاتها عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ لم يتعلق ارادة الله بايمانهم وتوحيدهم

فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ وما يترصدون أولئك المتمردون عن الايمان إِلَّا مِثْلَ ما قد وقع ونزل على أمثالهم في الجرائم والآثام من الخسف والكسف والغرق وغير ذلك من المصائب التي قد أصابت على المشركين المسرفين في أَيَّامِ المفسدين الَّذِينَ خَلَوْا ومضوا مِنْ قَبْلِهِمْ اى قبل هؤلاء المسرفين فان عارضوا معك يا أكمل الرسل مثل ما قد عارض أسلافهم مع أنبيائهم ورسلهم قُلْ لهم تبكيتا وإلزاما مثل ما قالوا اخوانك من الأنبياء الماضين فَانْتَظِرُوا لمقتي وهلاكي إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ لمقتكم وهلاككم فالامر بيد الله والحكم في قبضة قدرته ومشيئته

ثُمَّ بعد ما أهلكنا الأمم الماضية بتكذيبهم الرسل وإصرارهم على الكفر والشرك نُنَجِّي مما أصابهم رُسُلَنا الذين قد أرسلناهم إليهم وَايضا ننجي الَّذِينَ آمَنُوا بنا وصدقوا رسلنا وانقادوا بعموم ما جاء به رسلهم كَذلِكَ اى مثل انجائنا إياهم حَقًّا عَلَيْنا تفضلا منا وامتنانا على عبادنا نُنَجِّي عموم الْمُؤْمِنِينَ المنقادين لرسلنا المتدينين بديننا وعلى ذلك جرت سنتنا ومضت حكمتنا

قُلْ يا أكمل الرسل للمترددين في أمرك ودينك المتمردين عن اطاعتك وانقيادك يا أَيُّهَا النَّاسُ المجبولون على الغفلة والنسيان إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ وريب مِنْ دِينِي الذي هو اسد الأديان وأصحها وأشملها واشرف الملل وأكملها إذ هو مرجع عموم الأديان كما هو مبدؤه لابتنائه على التوحيد الذاتي الذي قد اضمحلت دونه عموم الكثرات وسقطت عنده جميع الإضافات ومع ظهور فضله وكماله ووضوح حجته وبرهانه وعلو شأنه أنتم تشكون فيه فانا أحق ان أشك فيما أنتم عليه وعبدتم اليه فَلا أَعْبُدُ وأتوجه انا الأشباح والتماثيل الَّذِينَ تَعْبُدُونَ أنتم مِنْ دُونِ اللَّهِ لقصورهم عن المعبودية وعدم استحقاقهم للالوهية والربوبية مطلقا وَلكِنْ انا أَعْبُدُ اللَّهَ الواحد الأحد الفرد الصمد الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ اى يعدمكم ومعبوداتكم بعد ما أظهركم وإياهم من العدم وَأُمِرْتُ من عنده أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الموقنين لتوحيده المنقادين لعموم أحكامه

وَايضا أمرت من عنده أَنْ أَقِمْ واستقم وَجْهَكَ اى توجه بوجهك الذي هو يلي الحق لِلدِّينِ الذي قد أنزله إليك لإصلاح حالك حال كونك حَنِيفاً مائلا عن عموم الأديان الباطلة والآراء الفاسدة وَبالجملة لا تَكُونَنَّ أنت بحال من الأحوال وشأن من الشئون سيما بعد ما ظهر عليك ولاح عندك حقية دينك وملتك مِنَ الْمُشْرِكِينَ الذين يدعون الوجود لغير الله ويشركون معه سبحانه

<<  <  ج: ص:  >  >>