للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وامضوا بمقتضاه واقبلوا نصحى إذ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً ولا اطلب منكم عوضا بل انا مأمور بالتبليغ والتذكير من عند العليم الخبير إِنْ أَجْرِيَ وما جعلى إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي وجبلنى على جبلة الهداية والإرشاد أَتشكون في امرى وتترددون في شأنى وتذكيري ونصحى فَلا تَعْقِلُونَ ولا تستعملون عقولكم في أفعالكم القبيحة وأعمالكم الفاسدة الناكبة عن طريق العدالة التي هي صراط الله الأعدل الا قوم

وَبعد ما ازدادوا الإصرار والاستكبار وأخذهم الله أولا بعقم الأرحام والأمطار فاضطروا قال هود عليه السّلام يا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ من فرطاتكم وهفواتكم واطلبوا المغفرة والنجاة منه سبحانه ثُمَّ تُوبُوا واسترجعوا إِلَيْهِ نادمين مخلصين يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ بأمر الله وبمقتضى ارادته مِدْراراً مغزارا وامطارا كثيرة على سبيل التتابع والإدرار تفضلا عليكم وامتنانا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ اى يضاعف أولادكم التي هي قوة ظهوركم وَعليكم ان لا تَتَوَلَّوْا ولا تتعرضوا على الله حال كونكم مُجْرِمِينَ معرضين عنه وعن رسله مصرين على ما أنتم عليه

قالُوا بعد ما سمعوا منه ما سمعوا يا هُودُ نادوه باسمه استحقارا له واستكبارا عليه ما جِئْتَنا بِبَيِّنَةٍ واضحة مثبتة لدعواك حتى نقبل منك قولك وبعد ما لم تجئ إلينا بالبينة الملجئة ما كنا نعتقدك صدوقا صادقا ثقة معتمدا حتى نقبل منك قولك بلا بينة اترك ما أنت عليه من الدعوى الكاذبة وَما نَحْنُ بِتارِكِي آلِهَتِنا التي قد وجدنا آباءنا وأسلافنا لها عاكفين عَنْ قَوْلِكَ وعن مجرد دعواك بلا بينة ودليل وَبالجملة ما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ مصدقين بلا شاهد وبينة

بل إِنْ نَقُولُ وما نتفوه في شأنك إِلَّا اعْتَراكَ اى سوى هذا القول وهوانك قد أصابك ورماك بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ من جنون وخفة عقل وخبط واختلال حال وقد كنت أنت تسئ الأدب معهم وتذكرهم وتهجوهم بما لا يليق بشأنهم لذلك اصابوك واستخفوا عقلك وبعد ما سمع منهم هود ما سمع ايس من ايمانهم وهدايتهم حيث قالَ أولا مبرئا نفسه من الشرك امحاضا للنصح إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ العالم بسرى واعلانى وخفيات أسراري وَاشْهَدُوا أنتم ايضا ايها الهالكون في تيه الغفلة والغرور على أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ أنتم الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي ليس له شريك في الوجود أصلا سيما من العكوس والاظلال الهالكة المستهلكة في أنفسها والتماثيل الباطلة العاطلة المتخذة

مِنْ دُونِهِ آلهة سواه سبحانه فَكِيدُونِي اى فعليكم ايها الحمقى المنحطون عن زمرة العقلاء بعد ما سمعتم قولي وحققتم برائتى ان تمكرونى وتصيبونى أنتم وشركاؤكم جَمِيعاً ثُمَّ بعد اليوم لا تُنْظِرُونِ اى لا تمهلوني في امرى ولا تضعفوا ولا تفتروا في مكري

إِنِّي قد تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ لا أبالي بكم وشركائكم ولا اتحزن لمكركم ومكرهم بعد ما أتمكن بمقر التوحيد إذ ما مِنْ دَابَّةٍ تتحرك على الأرض إِلَّا هُوَ سبحانه بذاته وبيد قدرته آخِذٌ بِناصِيَتِها اى بوجوهها التي تلى الحق يقودها نحوه ويتصرف فيها كيف يشاء حسب ارادته اختيارا وبالجملة إِنَّ رَبِّي في جميع شئونه وتطوراته عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ لا اعوجاج له أصلا

فَإِنْ تَوَلَّوْا اى ان تتولوا وتعرضوا أنتم عما جئت به من ربي فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ واجتهدت في تبليغه وبذلت وسعى فيه فاعلموا انه لا أبالي انا ولا يبالى الله ايضا بإعراضكم وإصراركم بل ان شاء يستأصلكم وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ ليتعظوا بكم ويعتبروا منكم ومما جرى عليكم وَأنتم بإعراضكم وانصرافكم عنه سبحانه لا تَضُرُّونَهُ شَيْئاً من الإضرار لا بالله ولأبي بل

<<  <  ج: ص:  >  >>