للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا وما يترتب عليها من اللذات الفانية والمشتهيات الغير الباقية فِي جنب حيوة الْآخِرَةِ وما يترتب عليها من اللذات الدائمة والمثوبات الباقية إِلَّا مَتاعٌ قليل لا يؤبه به ولا يلتفت اليه عند من كان له ادنى مسكة

وَمن خبث طينتهم ورداءة فطرتهم يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا بك وبكتابك ودينك لَوْلا وهلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ ملجئة لنا بالإيمان مِنْ رَبِّهِ مع انه يدعى التأييد من لدنه ومع شدة شغفه وحرصه لان نؤمن له قُلْ لهم يا أكمل الرسل ما علىّ الا البلاغ إِنَّ اللَّهَ المطلع لضمائر عباده يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ بمقتضى علمه وعدله لمن أراد إضلاله وانتقامه وَيَهْدِي إِلَيْهِ على مقتضى جوده مَنْ أَنابَ اليه عن ظهر القلب إذ كل ميسر لما خلق له

وبالجملة الَّذِينَ آمَنُوا وأيقنوا بتوحيد الحق وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ اى تسكن وتستقر عن دغدغة التقليد الباطل والتخمين المضمحل الزائل بِذِكْرِ اللَّهِ الواحد الأحد الفرد الصمد المستقل في الوجود بلا اضطراب وتردد فقد اضمحلت وتلاشت عن صحائف خواطرهم نقوش الأغيار والسوى مطلقا أَلا تنبهوا ايها الاظلال الطالبون للوصول الى مرتبة الكشف والشهود بِذِكْرِ اللَّهِ المسقط لعموم الإضافات تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ وتتمكن في مقام الحضور وتستريح عن تشويشات الأوهام

وبالجملة الَّذِينَ آمَنُوا وأيقنوا في أوائل سلوكهم وطلبهم حتى يتحققوا في مرتبة اليقين العلمي وَمع ذلك قد عَمِلُوا الصَّالِحاتِ المقربة لهم الى مطلوبهم ليصلوا الى مرتبة اليقين العيني طُوبى لَهُمْ الفوز بالفلاح والنجاح وَحُسْنُ مَآبٍ وقت تحققهم بمقام الكشف والشهود الذي هو مرتبة اليقين الحقي

وكَذلِكَ اى مثل ما أرسلنا الرسل على الأمم المنحرفة الماضية بمقتضى سنتنا السنية القديمة أَرْسَلْناكَ يا أكمل الرسل فِي أُمَّةٍ منحرفة عن طريق الحق وليس ارسالك عليهم ببدع مستحدث بل قَدْ خَلَتْ ومضت مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ أمثالهم مائلون عن طريق الحق وسواء السبيل وكما قد أرسلنا إليهم الرسل وايدناهم بالكتب والصحف وكانوا يتلون على أممهم لينجذبوا نحو الحق كذلك قد أرسلناك الى أمتك لِتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ وتبلغهم الكتاب الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ من المعارف والحقائق القدسية والآداب السنية والأخلاق المرضية المقبولة في جنابنا المودعة في استعدادات عبادنا ليفوزوا بها سعة رحمتنا وجودنا وَهُمْ لانهماكهم في الغفلات والشهوات يَكْفُرُونَ وينكرون بِالرَّحْمنِ الذي قد وسع كل شيء رحمة وعلما قُلْ يا أكمل الرسل للمنكرين الغافلين تنبيها عليهم وتبليغا وان كانوا من الحمقى الهالكين في تيه الغفلة والنسيان هُوَ الله المستجمع لعموم أوصاف الكمال رَبِّي وربكم ومتولى أموري وأموركم لا إِلهَ في الوجود يعبد له ويرجع اليه في الوقائع والخطوب إِلَّا هُوَ الله الواحد الأحد الصمد الفرد الوتر الذي لا شريك له وبالجملة عَلَيْهِ لا على غيره من الوسائل والاظلال تَوَكَّلْتُ في عموم أموري وَإِلَيْهِ لا الى غيره من الأسباب العادية مَتابِ مرجعي ومعادي

وَبالجملة لَوْ أَنَّ قُرْآناً بمثابة ومكانة لو تلى وقرئ قد سُيِّرَتْ وتحركت بِهِ الْجِبالُ عن مكانها الأصلي واندكت وقلعت أَوْ قُطِّعَتْ انصدعت وانشقت بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى عند قراءته عليهم وإسماعه لهم بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ والحكم والقدرة الكاملة والحول التام والقوة الغالبة في الأمور المذكورة جَمِيعاً له سبحانه ان تعلق ارادته ومشيته لكان الكل مقضيا البتة ومع ذلك هم لم يؤمنوا به ولم يقبلوه منك لشدة شكيمتهم وغاية

<<  <  ج: ص:  >  >>