للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نور الوجود المتشعشعة المتجلية على صفائح المكونات الغيبية والشهادية ان حكمة إرسال الرسل وإنزال الكتب انما هو لإخراج اصحاب الجهالات والغفلات عن ظلمات الضلالات ومهاوي التقليدات والتخمينات الى نور اليقين وفضاء العرفان ليتنبهوا على شأنهم في منشأهم ومآلهم في مبدئهم ومعادهم ويتفطنوا بسرائر إيجادهم واظهارهم وحكمه وبعد تنبههم وتفطنهم يتيسر لهم سلوك طريق التوحيد المنجى عن غياهب الشكوك وظلمات الأوهام ويحصل لهم الترقي من المنزل الأنزل الأدنى الى المقام الأرفع الأعلى لذلك خاطب سبحانه حبيبه بما خاطب وانزل عليه ما انزل تأييد اله وتتميما لإرشاد عباده الى توحيده فقال متيمنا باسمه الكريم بِسْمِ اللَّهِ المتجلى بالكمالات اللائقة على صدور أنبيائه لتكميل من آمن لهم من عباده وهدايتهم الى طريق توحيده الرَّحْمنِ لهم بإرسال من هو من جنسهم ليسهل بهم الاستفادة والاسترشاد منه بلا كلفة الرَّحِيمِ لهم بانزال الكتاب الجامع لجميع شعائر سلوكهم في مبدئهم ومعادهم ليدوم هدايته وإرشاده فيهم

[الآيات]

الر ايها الإنسان الكامل الأحق الأليق لقبول لوامع لوائح رقائق رموز الربوبية بان تنزل على قلبك بطريق الوحى والإلهام فنذيعه أنت بين الأنام على سبيل الإرشاد والتكميل هذا كِتابٌ جامع لجميع آثار لوامع رقائق الربوبية واسرار لوائح رموز الألوهية مناسب مطابق لمرتبتك الجامعة قد أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ يا أكمل الرسل تأييدا لك في أمرك لِتُخْرِجَ النَّاسَ الناسين المقام الأصلي والمنزل الحقيقي مِنَ الظُّلُماتِ الامكانية الطبيعية الهيولانية إِلَى النُّورِ البحت الخالص عن شوب المادة والمدة وليس اخراجك يا أكمل الرسل إياهم الا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ الذي رباهم في اصل استعدادهم وفطرتهم بأنواع اللطف والكرم ووفقهم على قبول ما قد جئت به من عنده ليوصلهم إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الغالب في امره بمقتضى قدرته وارادته على الوجه الأقوم الأعدل الْحَمِيدِ في فعله لخلوه عن كلا طرفي الإفراط والتفريط وكيف لا يكون صراطه مستقيما وفعله معتدلا مقتصدا

إذ هو اللَّهِ المستجمع لجميع الكمالات القادر المقتدر الَّذِي لَهُ وفي قبضة قدرته تكوين عموم ما فِي السَّماواتِ من الكواكب السيارات والثابتات على النمط البديع والنظم العجيب وَكذا ما فِي الْأَرْضِ من العناصر والمركبات على أقوم الأمزجة وأعدلها وَوَيْلٌ اى طرد وتبعيد عن مرتبة التوحيد لِلْكافِرِينَ الساترين شمس الحق الظاهر في الآفاق بالعدالة التامة وكمال الاستحقاق بغيوم الاظلال الباطلة والعكوس المستهلكة العاطلة مِنْ عَذابٍ شَدِيدٍ هو مسخهم وتبديلهم عن كمال مظهرية الحق وخلافته الى مرتبة الحيوانات العجم بل الى مرتبة الجمادات التي هي انزل المراتب وبالجملة أولئك البعداء الضالون عن منهج الحق كالأنعام في عدم الشعور والإدراك بل هم أضل

الا وهم الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَياةَ الدُّنْيا المستعارة التي لا مدار لها ولا قرار إذ هي اظلال باطلة وعكوس عاطلة زائلة عَلَى الْآخِرَةِ اى على الحيوة الاخروية التي هي بقاء سرمدي وحيوة ازلية ابدية لا انقضاء لها أصلا وَهم مع اختيارهم وترجيحهم الحيوة الفانية على الباقية يَصُدُّونَ ويصرفون ايضا الناس عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ الذي هو الايمان بالله وبرسوله وكتابه وَيَبْغُونَها عِوَجاً اى يطلبون ان يحدثوا فيها مع استقامتها عوجا وانحرافا أُولئِكَ الأشقياء المردودون عن طريق الحق الساعون في الباطل مكابرة وعنادا فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ عن الهداية بمراحل بحيث لا يرجى هدايتهم أصلا لأنهم هم المجبولون على الغواية والضلال في اصل فطرتهم

وَبالجملة ما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>