للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرعي وَالْعُدْوانِ اى الظلم المتجاوز عن الحد وَمن جملة عهودكم ايضا إِنْ يَأْتُوكُمْ اى ان يأت بعضكم بعضا أُسارى موثقين في يد العدو تُفادُوهُمْ وتعطوهم فديتهم وتنقذوهم من أيدي العدو تبرعا وأنتم لا تنقضون هذا العهد مع انه غير محرم عليكم ترك افدائهم وتنقضون العهد الوثيق المتعلق بالقتل والإخراج وَالحال انه هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْراجُهُمْ وقتلهم وبالجملة أَفَتُؤْمِنُونَ وتوفون بِبَعْضِ العهود الثابتة في الْكِتابِ وهو عهد الفدية وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ وهو عهد عدم القتل والاجلاء مع انه لا تفاوت بين العهود المنزلة من عند الله فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ الفصل والتفرقة بين عهود الله المنزلة حال كونه مِنْكُمْ ايها المسرفون المستكبرون في كتابه عتوا واستكبارا إِلَّا خِزْيٌ ذل يستكرهه جميع الناس فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ الْقِيامَةِ القائمة للعدل والجزاء يُرَدُّونَ أولئك الناقضون لعهود الله إِلى أَشَدِّ الْعَذابِ الذي هو قعر بحر الإمكان لا نجاة لا حد منه وَمَا اللَّهُ المستوي على عروش الذرات الكائنة في العالم رطبها ويابسها شهادتها وغيبها بِغافِلٍ مشغول بشيء يشغله عَمَّا تَعْمَلُونَ أنتم بل شأنكم وحالكم وأعمالكم كلها عنده مكشوف معلوم له سبحانه يعلم الكل بعلمه الحضوري بحيث لا يشذ عن حيطة حضرة علمه المحيط الشامل شيء منها أصلا ثم لما ذكر سبحانه قبح معاشهم ومعادهم أراد أن ينبه على المؤمنين اسباب مقابحهم واعراضهم ليحذروا عن أمثالها ويحترزوا عنها

فقال مشيرا إليهم على سبيل التوبيخ أُولئِكَ البعداء عن منهج الصدق والصواب هم الَّذِينَ اشْتَرَوُا اى استبدلوا واختاروا الْحَياةَ الدُّنْيا الفانية الغير القارة بل اللاشيء المحض بِالْآخِرَةِ التي هي النعيم المقيم واللذة الدائمة المستمرة والحيوة الازلية السرمدية فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ اى عذاب الإمكان والافتقار وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ ويصلون الى مناهم من الحوائج بل صاروا مفتقرين دائما محتاجين مضطرين مسودة الوجوه في النشأتين.

وَاذكر يا أكمل الرسل للمؤمنين ايضا من قبح صنائعهم ليعتبروا من أفعالهم لَقَدْ آتَيْنا مُوسَى المبعوث إليهم الْكِتابَ اى التورية المشتملة على المصالح الدنيوية والاخروية فكذبوه ولم يلتفتوا الى كتابنا المنزل عليه وَبعد ما قضى وانقرض موسى قَفَّيْنا وعقبنا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ المرسلة إليهم ذوى الدعوات الظاهرة والآيات الباهرة والمعجزات الساطعة القاهرة فكذبوا الكل ولم يلتفتوا بعموم ما جاءوا به وَبعد انقراض أولئك الثقات الهداة الباذلين مهجهم في طريق الحق آتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ المبعوث إليهم الْبَيِّناتِ الواضحات الموضحات المبينات لأمور معاشهم ومعادهم وَمع ذلك قد أَيَّدْناهُ وخصصناه وقويناه بِرُوحِ الْقُدُسِ اى بلوازمه المنزه عن رذائل الإمكان لذلك رفعناه الى السماء وأحييناه الى انقراض الدنيا ومع ذلك قد كذبوه بل أرادوا قتله ولم يظفروا به أَفَكُلَّما اى الم تكونوا أنتم ايها الحمقاء الناقضون للعهود والمواثيق أولئك الجاهلون المفرطون المسرفون الذين متى جاءَكُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُكُمُ حتى يصلحكم ويرشدكم الى طريق الحق اسْتَكْبَرْتُمْ عليه واستحقرتموه فَفَرِيقاً من الرسل قد كَذَّبْتُمْ أنتم بهم وانكرتم نبوتهم كموسى وعيسى عليهما السّلام وَفَرِيقاً منهم تَقْتُلُونَ كزكريا ويحيى عليهما السّلام والقوم الذين شانهم هذا وهكذا كيف يرجى منهم الفلاح والفوز بالنجاح

وَمن غاية عداوتهم معك يا أكمل الرسل ومع من تبعك من المؤمنين قالُوا حين دعوتك إياهم الى الايمان والتصديق بدين الإسلام

<<  <  ج: ص:  >  >>