للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ ابراهيم عليه السّلام حسب تفرسه منهم فَما خَطْبُكُمْ وأمركم العظيم الذي قد جئتم لأجله أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ المهيبون المنكرون

قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى إهلاك قَوْمٍ مُجْرِمِينَ خارجين عن مقتضى العقل والشرع والطبع والمروءة إذ فعلتهم الشنيعة الفاحشة مما يستقبحه ويستكرهه العقل والطبع مطلقا فكيف الشرع والمروءة فنهلكهم اليوم بالمرة بمقتضى امر الله وقهره

إِلَّا آلَ لُوطٍ واهل بيته ومن آمن له إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ لكونهم معصومين مطيعين مؤمنين

إِلَّا امْرَأَتَهُ المجرمة العاصية قد قَدَّرْنا بإعلام الله إيانا واذنه علينا إِنَّها ايضا لَمِنَ الْغابِرِينَ الباقين مع الكفرة الهالكين لكونها باقية على اعتقادهم الفاسد وعنادهم المستمر بلا اقرار ولا ايمان

فَلَمَّا جاءَ ودخل على عادة المسافرين السياحين آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ المرد الصباح الملاح

قالَ لهم لوط إِنَّكُمْ ايها المسافرون قَوْمٌ مُنْكَرُونَ قد أخاف عليكم من قومي ومن سوء فعالهم وقبح ديدنتهم وخصالهم مع انى أخاف ايضا من جيئتكم على هذا الوجه حيث لا ارى عليكم امارات البشر وعلامات الإنسان

قالُوا بعد ما تفرسوا منه الرعب لا تخف لا علينا ولا منا إذ نحن ما جئناك لنخوفك ونوحشك بَلْ قد جِئْناكَ لنسرك ونؤيدك وننصرك على أعدائك بِما كانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ اى بإثبات ما يشكون فيه ويترددون بل يكذبونك فيه مراء الا وهو العذاب الذي قد ادعيت أنت نزوله عليهم بشؤم فعالهم وقبح خصالهم وهم يشكون فيه بل ينكرونه

وَنحن رسل الله قد أَتَيْناكَ تأييدا لك ونصرا عليك ملتبسا بِالْحَقِّ المطابق للواقع وَإِنَّا لَصادِقُونَ فيما قلنا لك والآن قد حان وقت انجاز ما وعد الله لك من إنزال العذاب عليهم

فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ واذهب أنت معهم بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وطائفة من آناته وساعاته فقدمهم امامك وَاتَّبِعْ أَدْبارَهُمْ وأثرهم والعذاب ينزل على قومك عقيب خروجك من بينهم بلا تراخ ومهلة وان كانوا خلفك قد اصابتهم منه وَبعد ما خرجتم من بينهم لا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ خلفه ولا ينظر الى ما وراءه حتى لا يصيبه ما أصابهم ولا يهوله ولا يفزعه وَبالجملة امْضُوا واذهبوا ايها المأمورون حَيْثُ تُؤْمَرُونَ

بالجملة قد وَقَضَيْنا إِلَيْهِ وحكمنا على لوط بالوحي والإلهام ذلِكَ الْأَمْرَ الفظيع الهائل وهو أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ يعنى ان عواقب هؤلاء المسرفين المفرطين مقطوعة مستأصلة بالمرة حال كونهم مُصْبِحِينَ اى حين دخولهم في الصبح وظهوره عليهم

وَبعد ما قد بلغ الرسل الى لوط عليه السّلام سبب ما جاءوا به من قبل الحق قد جاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وهي سدوم يَسْتَبْشِرُونَ باضياف لوط ويستحسنونهم طامعين وقاعهم مهرعين مسرعين حول بيته

قالَ لهم لوط بمقتضى شفقة النبوة وان كان الأمر عنده مقضيا حتما بلا تردد إِنَّ هؤُلاءِ المسافرين ضَيْفِي قد نزلوا في بيتي فَلا تَفْضَحُونِ باساءتهم لان إساءتهم وتفضيحهم عين إساءتي وتفضيحى

وَاتَّقُوا اللَّهَ عن ارتكاب محظوراته والركون الى محرماته وَلا تُخْزُونِ ولا تخجلوني منهم إذ فعلتكم هذه معهم مسقطة للمروءة بالمرة

قالُوا في جوابه أَتنهانا اليوم أنت كما نهيتنا عن أمثالهم فيما مضى وَلَمْ نَنْهَكَ من قبل ان تمنعنا أنت يا لوط عَنِ الْعالَمِينَ وكن أنت في نفسك زكيا صفيا مهذبا طاهرا مالك معنا وخبثنا اتركنا مع خبثنا وانصرف عنا والزم على طهارتك

ثم لما بالغوا في الإصرار والعناد قالَ لهم لوط هؤُلاءِ النسوان بَناتِي إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ فهن اولى بكم واطهر لقضاء وطركم

لَعَمْرُكَ يا أكمل الرسل

<<  <  ج: ص:  >  >>