للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والبقاء بالبقاء الإلهي عِنْدَ اللَّهِ الواحد الأحد الفرد الصمد خالِصَةً منحصرة مخصوصة مسلمة لكم مِنْ دُونِ الله شركة النَّاسِ المنسوبين الى الأديان الاخر فَتَمَنَّوُا عن صميم القلب ومحض الطوع والرغبة الْمَوْتَ الإرادي المقرب لكم إليها الموصل إياكم الى لذائذها كما يتمناه خلص المؤمنين الموقنين بوحدانية الله في اكثر أوقاتهم وحالاتهم قال المرتضى الأكبر كرم الله وجهه والله لابن ابى طالب أشوق الى الموت من الطفل بثدي امه وقال ايضا سلام الله عليه لا أبالي سقطت على الموت او سقط الموت على وقال ايضا عليه السّلام

جزى الله عنا الموت خيرا فانه ... أبر بنا من كل خير وارأف

يعجل تخليص النفوس من الأذى ... ويدنى الى الدار التي هي اشرف

وقال عمار رضى الله عنه حين استشهد الآن ألاقي الأحبة محمدا وأصحابه وأنتم ايضا تمنوا الموت إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ في دعويكم

وَالله لَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ وكسبت أَيْدِيهِمْ وأنفسهم من الحرص وطول الأمل والاستلذاذ باللذات الحسية والوهمية من الجاه والمال والمكانة والاعتبار بين الناس والاستكبار عليهم الا تريهم يتوجهون ويرجعون الى الله عند نزول البلاء المشعر لتعجيل الموت المقرب نحوه سبحانه ويسئلون فرجا واستكشافا وإذا انكشف عنهم ولوا على ما هم عليه مدبرين وَبالجملة اللَّهُ المحيط بسرائر عباده وضمائرهم عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ منهم الخارجين عن مقتضى الحدود الإلهية القائلين بأفواههم ما ليس في قلوبهم

وَالله يا أكمل الرسل لو فتشت عن أحوالهم واستكشفت عما جرى في سرائرهم وضمائرهم لَتَجِدَنَّهُمْ اى اليهود ولتصادفنهم أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ دائمة مستمرة عموما وَخصوصا مِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا واعتقدوا ان لا حيوة الا في دار الدنيا بل من نهاية حرصهم وطول أملهم يَوَدُّ أَحَدُهُمْ ويحب لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ او يزيد عليه الفا أخر وهكذا وَالحال انه بهذه المحبة ما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ اى ليس هو مبعد نفسه مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ الى غاية ما يتمناه ويحبه بل ما يزيد الا عذابا فوق العذاب حسب لوازم الإمكان وَاللَّهُ المجازى لهم على أعمالهم بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ اى بجميع أعمالهم طول اعمارهم بحيث لا يعزب عن علمه شيء منها ثم لما ظهر دين الإسلام وترقى امره وارتفع قدره واشتهر نزول القرآن الناسخ لجميع الكتب والأديان اضطرب اليهود ووقعوا فيما وقعوا ومن شدة قلقهم واضطرابهم سئلوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم عمن انزل عليه من الملائكة فقال صلّى الله عليه وسلّم أخونا جبرائيل قالوا هو عدونا القديم ليس هذا أول ظهوره علينا بالعداوة بل قد ظهر علينا من قبل مرارا وهو دائما بصدد نسخ ديننا

قال سبحانه مخاطبا لحبيبه قُلْ يا أكمل الرسل مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ اى لمن يدعى عداوة أمين وحينا جبرائيل عليه السّلام بواسطة إنزال القرآن إليك لا وجه لاتخاذكم جبرائيل عليه السّلام عدوا فَإِنَّهُ عليه السّلام انما نَزَّلَهُ اى القرآن عَلى قَلْبِكَ يا أكمل الرسل الذي هو وعاء الايمان والإسلام ومهبط الوحى والإلهام بِإِذْنِ اللَّهِ والقائه اليه ووحيه إياه بتنزيله إليك لا من عند نفسه حتى تتخذوه عدوا وان اتخذتم عدوا فاتخذوا الله الآمر المنزل الحقيقي عدوا مع انه لا وجه للعداوة أصلا لكون المنزل عليه مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ من الكتب المنزلة وَهُدىً يهدى الى طريق الايمان والتوحيد وَبُشْرى بالنعيم

<<  <  ج: ص:  >  >>