للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدائم الباقي لِلْمُؤْمِنِينَ المهتدين به جعلنا الله منهم وممن اقتفى باثرهم بمنه وجوده

وقل لهم ايضا يا أكمل الرسل مَنْ كانَ عَدُوًّا لِلَّهِ بنقض عهوده وبعدم الامتثال بأوامره والاجتناب عن نواهيه وَمَلائِكَتِهِ بنسبتهم الى ما هم منزهون عنه وَرُسُلِهِ بالتكذيب والقتل والاهانة والاستهزاء وَلا سيما جِبْرِيلَ وَمِيكالَ كلا الأمينين المقربين عند الله بنسبة الميل والخيانة إليهما فهو كافر بالله بأمثال هذه الخرافات فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكافِرِينَ بكفرهم وإصرارهم عليه

وَمن جملة كفرهم وعنادهم لَقَدْ أَنْزَلْنا من كمال فضلنا وجودنا إِلَيْكَ يا من وسعت مظهريته جميع اوصافنا وأخلاقنا آياتٍ دلائل وشواهد بَيِّناتٍ واضحات لطريق المعرفة والايمان فكفروا بها وكذبوها وَما يَكْفُرُ بِها مع غاية وضوحها وجلائها إِلَّا الْفاسِقُونَ الخارجون عن ربقة العبودية بعدم الايمان والانقياد بالكتاب والنبي بل بالإنزال والمنزل أصلا

أَوَكُلَّما عاهَدُوا عَهْداً يعنى هم لم لم يكونوا فاسقين خارجين عن مقتضيات الحدود الإلهية مع انهم هم من شدة غيهم وضلالهم كلما عاهدوا عهدا وثيقا مؤيدا مؤكدا مع الله ورسله نَبَذَهُ ونقضه فَرِيقٌ مِنْهُمْ بسبب الفسوق والخروج وعدم الوفاء والإيفاء ثم سرى نقضهم الى الكل جميعا بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ ولا ينقادون بالعهود والمواثيق الجارية من الله على السنة رسله وكتبه

وَمن جملة عتوهم وعنادهم انهم لَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ المرسل للرسل لهداية الناس الى توحيده مع انه مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ من الكتب المنزلة على الرسل الهادين ليرتفع التعدد والاختلاف عن اهل التوحيد مع ان مجيء هذا الرسول موعود مثبت في كتابهم الذي هم يدعون الايمان به نَبَذَ وطرح فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يعنى اليهود كِتابَ اللَّهِ يعنى التورية وَراءَ ظُهُورِهِمْ بحيث لم يلتفتوا اليه ولم يعملوا بمقتضى ما فيه بل صاروا من شدة عداوتهم وعنادهم مع الرسول المبعوث كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ ولا يقرؤن كتابهم أصلا

وَبعد نبذهم التورية وراء ظهورهم باشتمالها على اوصافك وظهورك يا أكمل الرسل أخذوا في معارضتك بالسحر واتَّبَعُوا ما تَتْلُوا اى تنسبوا وتفتروا الشَّياطِينُ اى المردة من الجن عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ بان استيلائه وتسلطه وتسخيره الجن والانس والوحوش والطيور والرياح انما هو بالسحر وَالحال انه ما كَفَرَ وسحر سُلَيْمانَ قط بل شانه مقصور على الوحى والإلهامات الإلهية والواردات الغيبية وَلكِنَّ الشَّياطِينَ يسترقون من الملائكة وينسبون الأمور الى الوسائط اصالة وبسبب ذلك قد كَفَرُوا وبعد كفرهم بالله وشركهم به سبحانه يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ المستلزم لانواع الفسوق والعصيان والكفر والطغيان وَلا سيما يسترقون ما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ المحبوسين بِبابِلَ المسميين هارُوتَ وَمارُوتَ مع ان المنزل إليهما انما هو من مكر الله وإيقاعه الفتنة بين عباده ابتلاء لهم واختبارا وَمع ذلك ما يُعَلِّمانِ كلا الملكين السحر مِنْ أَحَدٍ من الناس حَتَّى يَقُولا له توصية وتذكيرا إِنَّما نَحْنُ الظاهرون بالسحر الخارق للعادة فِتْنَةٌ من الله العليم الحكيم وابتلاء منه لعباده فَلا تَكْفُرْ بنسبة الأمور إلينا ولا تكن بصدد التعلم ايضا وبعد ما اوصى الملكان بما أوصيا فَيَتَعَلَّمُونَ اى الشياطين المسترقون مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ مما يورث قطع المحبة والعلاقة المستلزمتين لحفظ النسب المتفرعة على الحكمة البالغة الإلهية المقتضية للزواج والازدواج إضرارا للدين القويم وانحرافا عن الطريق المستقيم وَالحال انه ما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>