للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رشدهم وكفايتهم مرارا وَلكم ايها المؤمنون الموحدون الإيفاء والوفاء بمطلق العهود والمواثيق مطلقا سواء كانت مما بينكم وبين الله او بين عباده أَوْفُوا بِالْعَهْدِ والميثاق مطلقا إِنَّ الْعَهْدَ والميثاق قد كانَ مَسْؤُلًا في النشأة الاخرى وناقضه مؤاخذا وموفيه مأجورا

وَايضا أَوْفُوا الْكَيْلَ اى عليكم إيفاء الكيل إِذا كِلْتُمْ لغيركم وَزِنُوا ايضا إذا وزنتم بِالْقِسْطاسِ اى الميزان وهو لفظ سرياني الْمُسْتَقِيمِ الذي لا ميل له الى جانب بل قد صار كفتاه على السوية بلا ميل ذلِكَ اى ايفاؤكم ووفاؤكم واستقامتكم في المكيال والميزان خَيْرٌ جالب لانواع الخيرات في الدنيا وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا اى عاقبة ومآلا في العقبى

وَلا تَقْفُ اى لا تتبع ايها المؤمن الموقن الموفق الطالب للوصول الى مرتبة التوحيد ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ اى ما لم يتعلق علمك به تقليدا او تخمينا إذ أنت في يوم الجزاء مسئول عما رمته بلا علم وقصدت نحوه وأقدمت عليه باى عضو وجارحة وكذا عما قلته بلسانك رجما بالغيب بلا فكر وروية إِنَّ السَّمْعَ قدمه إذ قد نسبت اليه اكثر الكواذب والمفتريات وَالْبَصَرَ لان النفس تقع في اكثر الفتن والمهالك برؤية البصر وَالْفُؤادَ الذي هو اصل في إنشاء الكواذب والمزورات كُلُّ أُولئِكَ اى كل واحد واحد من القوى الثلاثة قد كانَ يوم القيمة عَنْهُ مَسْؤُلًا فتقر وتشهد تلك القوى بعد ما سئل عنها عن جميع ما صدر منها من المعاصي فيفتضح صاحبها على رؤس الاشهاد

وَبالجملة لا تَمْشِ ايها الطالب لعدالة التوحيد والعرفان فِي الْأَرْضِ التي قد أعدت للتذلل والانكسار والتواضع والخشوع مَرَحاً ذا كبر وخيلاء وكيف تختال وتتكبر عليها ايها المهان المخلوق من المهين إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ بشدة قوتك ووطأتك وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ باستعلائك واستكبارك طُولًا اى من جهة الطول والعلو ولن تبقى مرة متطاولة عليها حتى تستعلى أنت بها على من دونك وبالجملة لا تتكبر ولا تتجبر ايها العاجز الضعيف مع ضعفك وقصر عمرك ودناءة مادتك

وبالجملة كُلُّ ذلِكَ من النواهي المذكورة من قوله لا تجعل مع الله الها آخر الى هنا قد كانَ سَيِّئُهُ اى ثبت وتحقق كون كل واحدة منها سيئة وإثما عِنْدَ رَبِّكَ يا أكمل الرسل لذلك قد كان مَكْرُوهاً منهيا عنه مبغوضا عليه من لدنه سبحانه

ذلِكَ المذكور من الاحكام المتقدمة من أول السورة الى هنا مِمَّا أَوْحى إِلَيْكَ رَبُّكَ يا أكمل الرسل تربية لك وتأييدا لأمرك مِنَ الْحِكْمَةِ المتقنة التي يجب الامتثال والاتصاف بها على من أراد سلوك سبيل التوحيد المبنى على عدالة الأخلاق والأطوار والشئون وَاعلموا ان معظم المنهيات والمحظورات الشرك بالله العياذ به منه لذلك كرره سبحانه تأكيدا ومبالغة وبالغ في الاحتراز عنه حيث قال لا تَجْعَلْ ولا تتخذ مَعَ اللَّهِ المتوحد المتفرد في ذاته المعبود بالحق والاستحقاق إِلهاً آخَرَ يعبد له كعبادته وان اتخذت الها سواه فَتُلْقى فِي جَهَنَّمَ البعد والخذلان حال كونك مَلُوماً تلوم أنت نفسك بأنواع الملامات بما ضاع عنك من التوحيد المنجى عن عموم المضايقة والمهالك مَدْحُوراً مبعدا عن رحمة الله وسعة فضله وإحسانه

أَتزعمون ايها المشركون المستكبرون ان الله المتعزز برداء العظمة والكبرياء قد فضلكم على نفسه فَأَصْفاكُمْ واصطفاكم على ذاته بحيث قد خصصكم واجتباكم رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ الذين هم أكرم الأولاد وأشرفها وَاتَّخَذَ وأخذ لنفسه اولادا مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً نواقص عقلا ودينا إِنَّكُمْ ايها المسرفون باقدامكم واجترائكم على الله وعلى ملائكته الذين هم اشرف

<<  <  ج: ص:  >  >>