للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَزِيدُهُمْ التأمل والتدبر فيه على وجه التدقيق والتعمق مرارا وتكرارا الا خُشُوعاً وخضوعا لاطلاعهم منه في كل مرة على سرائر قد شهدت بها اذواقهم وذاق حلاوتها وجدانهم ومذاقهم

قُلِ يا أكمل الرسل للمحجوبين الغافلين عن سرسريان الوحدة الذاتية الإلهية في المظاهر كلها والمجالى برمتها ادْعُوا اللَّهَ اى سموا الذات الاحدية التي هي ينبوع بحر الوجود ومنشأ عموم المظاهر والموجود باسم الله المستجمع لجميع الأسماء والصفات اجمالا أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ اى سموه باسم الصفات التي قد اتصفت بها الذات الاحدية تفصيلا أَيًّا ما تَدْعُوا وتسموا من اسماء الذات والصفات فَلَهُ اى لله المنزه عن سمة الكثرة والحدوث مطلقا المقدس عن وصمة الشركة والتعدد رأسا الْأَسْماءُ الْحُسْنى الكاملة الدالة على احدية ذاته غاية ما في الباب انها باعتبار شئونه وتجلياته قد يتعدد أسماؤه وصفاته وبالجملة الاسم والمسمى كلاهما متحدان عند سقوط الإضافات ورفع التعينات واطراح الاعتبارات إذ لا يتصور التعدد دون جنابه الا وهما واعتبارا وَإذا كان الكل من الأسماء والمسميات راجعا الى الذات الاحدية بعد رفع التعينات وسقوط الإضافات لا تَجْهَرْ أنت ايها العارف المتمكن في مقام التوحيد الراسخ فيه بلا تلوين وتقليد ولا تعلن بِصَلاتِكَ وميلك نحو الحق بوحا وشطحا ولا تقل في حال صحوك وافاقتك كلام ارباب السكر والحيرة وَلا تُخافِتْ بِها ايضا ضنا وشحا على ذوى الاستعداد والاسترشاد وَابْتَغِ واختر يا صاحب التمكن والتمكين بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا مقتصدا معتدلا مائلا عن كلا طرفي الإفراط والتفريط إذ الخير في كل الأمور أوسطها إذ هو اعدلها

وَقُلِ بعد ما تحققت وتمكنت في مقر التوحيد شكرا لما أنعمك الحق الوصول اليه وأمكنك التحقق دونه والورود عليه الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي قد توحد بذاته وتقدس بأسمائه وصفاته وتفرد بألوهيته واستقل بوجوب وجوده وربوبيته بحيث لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً يخلف عنه لكونه صمدا قيوما أزليا ابديا سرمديا بحيث لا يعرضه الفناء مطلقا ولا يعتريه الانصرام والانقضاء ابدا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ والملكوت يظاهره او يزاحمه ويخاصمه إذ لا شيء في الوجود سواه وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ يواليه ويتولى امره ويعين عليه حين ما لحقه مِنَ الذُّلِّ المسقط لعزه الأصلي وعظمه الحقيقي الأزلي إذ لا تغير ولا تبدل في ذاته ولا تحول ولا انتقال في شأنه أصلا وَبالجملة كَبِّرْهُ تَكْبِيراً ذاتيا حقيقيا وعظمه تعظيما صوريا ومعنويا وكيف لا إذ لا وجود للغير معه حتى يتصور هناك النسبة والاضافة بل هو أجل واكبر لذاته بلا توهم الاضافة فبه اهدنا بفضلك سواء سبيلك الى توحيدك واجعلنا من زمرة ارباب تكبيرك وتمجيدك

[خاتمة سورة الإسراء]

عليك ايها الموحد المتحقق بمقام تمجيد الحق وتحميده مكنك الله بما أوصلك اليه وقررك دونه ان تعظم الحق غاية التعظيم وتكبره كمال التكبير والتكريم واعلم ان تعظيم الحق انما هو بتعظيم مظاهره ومجاليه إذ ما من ذرة من ذرائر الكائنات الا وقد ظهر الحق فيه وتجلى عليه بأسمائه الحسنى وأوصافه العليا فلك ان تتواضع وتتذلل عند كل ذرة من ذرائر المظاهر طوعا ورغبة ولا تتكبر عليها ولا تتعظم دونها إذ التكبر والتفوق على ذرة حقيرة من اى جنس وصنف كانت من امارات عدم الوصول الى مرتبة اليقين الحقي ومقر التوحيد الحقيقي وذلك انما يحصل لك بعد رفع مقتضيات

<<  <  ج: ص:  >  >>