للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذلة والمسكنة والغضب عليهم دائما إِنَّ اللَّهَ المتجلى باسمه المنتقم عَلى كُلِّ شَيْءٍ من انواع الانتقامات قَدِيرٌ على الوجه الأشد الأبلغ

وَبعد ما فوضتم أموركم الى الله واتخذتموه وكيلا حسيبا لكم حفيظا عن شرور أعدائكم أَقِيمُوا الصَّلاةَ اى رابطوا ظواهركم وبواطنكم اليه سبحانه دائما على وجه التذلل والخضوع وغاية الانكسار والخشوع وَآتُوا الزَّكاةَ اى طهروا قلوبكم عن الميل الى ما سوى الحق وَاعلموا ان ما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ في هذه النشأة مِنْ خَيْرٍ توجه دائم نحو الحق وأعراض مستمر عن محبة غيره تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ حين انكشافكم بتوحيده وتجريده وتفريده وبالجملة إِنَّ اللَّهَ المحيط بذواتكم بِما تَعْمَلُونَ من خير بَصِيرٌ عليم خبير

وَمن جملة حيلهم وخداعهم إياكم وودادتهم كفركم انهم قالُوا على وجه العظة والتذكير لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ من اهل الملل والأديان إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى تِلْكَ المهملات وأمثالها ما هي الا أَمانِيُّهُمْ التي يخمرونها في نفوسهم بلا مستند عقلي او نقلي وان ادعوا دليلا قُلْ لهم يا أكمل الرسل إلزاما لهم وتبكيتا هاتُوا ايها المدعون المبهوتون بُرْهانَكُمْ من آيات الله وسنن رسله إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ في دعوى الاختصاص قل لهم يا أكمل الرسل بعد ما بهتوا كلاما ناشئا عن محض الحكمة والإخلاص لا وجه لدعوى الاختصاص بالنسبة الى الجنة الموعودة لا منكم ولا منا

بَلى اى بل مبنى الأمر والشان في استحقاق الجنة على ان مَنْ أَسْلَمَ وجه وسلّم وَجْهَهُ المنسوب اليه مجازا لِلَّهِ المنسوب اليه حقيقة وَالحال انه هُوَ في نفسه مُحْسِنٌ عارف مشاهد مكاشف بالله فَلَهُ أَجْرُهُ مرجعه ومقصده من الجنة الموعودة عِنْدَ رَبِّهِ اى مرتبته المخصوصة له المربية إياه عند الله وَبالجملة لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ لفنائهم عن قابلية الخوف والحزن ومقتضيات الطبيعة مطلقا وبقائهم بتربية مربيهم

وَمن عدم تفطنهم للايمان والإذعان وغفلتهم عن طريق التوحيد والعرفان قالَتِ الْيَهُودُ الدين ديننا والكتاب كتابنا والنبي نبينا لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ في امر الدين وشانه بل هم ضالون عن طريق الحق لا يهتدون اليه أصلا الا ان يؤمنوا ويقتدوا بديننا وَايضا قالَتِ النَّصارى ديننا حق وشرعنا مؤبد ونبينا مخلد لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ في الدين والايمان بل الدين الحق ديننا وَالحال انه هُمْ اى كلا الفريقين يَتْلُونَ الْكِتابَ المنزل على نبيهم ويدعون الايمان والإذعان ومع ذلك لم يخلصوا عن الجهل والعناد ولم يتنبهوا على التوحيد المزيح لمطلق الخلاف والاختلاف المشعر على كمال العرفان والائتلاف بل لا فرق بينهم وبين سائر المشركين النافين للصانع إذ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ الكتاب والنبي والدين والايمان مِثْلَ قَوْلِهِمْ بان الحق ما نحن عليه بلا كتاب ولا نبي لان الإنسان مجبول على ترجيح ما هو عليه سواء كان حقا او باطلا صلاحا او فسادا والأنبياء انما يرسلون ويبعثون ليميزوا لهم الحق عن الباطل والصالح عن الفاسد وهم مع بعثة الرسل إليهم صاروا سواء مع المشركين الذين لا كتاب لهم ولا نبي فَاللَّهُ المحيط بسرائرهم وضمائرهم يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ على مقتضى علمه بأعمالهم وأحوالهم يَوْمَ الْقِيامَةِ المعد لجزاء الأعمال فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ على مقتضى آرائهم واهوائهم فيجازيهم بمقتضى ما يعلمون ويعملون به

وَمَنْ أَظْلَمُ على الله المظهر للعباد ليعرفوه ويتوجهوا نحوه في الأمكنة والبقاع المعدة للتوجه مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ المعدة الموضوعة أَنْ يُذْكَرَ اى لان يذكر فِيهَا اسْمُهُ اى يذكر المؤمنون فيها أسماءه الحسنى

<<  <  ج: ص:  >  >>