للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن قد قدر لهم أَجَلٌ مُسَمًّى وهو يوم الجزاء

فَاصْبِرْ يا أكمل الرسل عَلى ما يَقُولُونَ الى حلول الأجل المسمى ولا تضيق صدرك من قولهم هذا انك لا تقدر على إتيان العذاب حسب دعواك ومناك لذلك تخوفنا بالقيمة الموهومة فلو كنت أنت رسولا كسائر الرسل لفعلت بنا ما فعلوا باممهم ومتى سمعت منهم يا أكمل الرسل أقوالهم الخشنة اعرض عنهم ولا تلتفت إليهم ولا تشتغل الى معارضتهم ومجادلتهم بل انصرف عنهم ودعهم وَسَبِّحْ نزه ربك عما يقولون وعما ينكرون قدرتنا على إتيان يوم الجزاء تسبيحا مقرونا بِحَمْدِ رَبِّكَ شكرا لآلائه ونعمائه الواصلة إليك وداوم عليه قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ بعد انتباهك عن مقام غفلتك وقبل اشتغالك في امور معاشك وَقَبْلَ غُرُوبِها ايضا بعد فراغك عن كسب المعاش وقبل استراحتك في المنام وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ المعد للاستراحة ان أيقظت فيها فَسَبِّحْ وَسبح ايضا أَطْرافَ النَّهارِ إذا فرغت عن الاشتغال لَعَلَّكَ تَرْضى أنت عن الله في عموم الأوقات ويرضى الله عنك فيها

وَعليك الاعتزال عن أبناء الدنيا وعدم الالتفات الى لذاتهم بمتاعها ومزخرفاتها بحيث لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ يا أكمل الرسل حال كونك متحسرا متمنيا إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ المشركين والمنافقين أَزْواجاً أصنافا من كل شيء إذ من أعطينا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا اى زينتها وزخرفها انما أعطيناهم لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ اى نجربهم ونختبرهم كيف يعيشون بوجودها في الدنيا هل يتكبرون ويفتخرون بسببها على الفقراء ويمشون على الأرض على وجه الخيلاء أم لا وَبعد ما قد نهيناك يا أكمل الرسل عن الالتفات الى متاع الدنيا ومزخرفاتها استرزق عنا عما في خزائننا من المكاشفات والمشاهدات الباقية الصافية بدل تلك اللذات الفانية المكدرة إذ رِزْقُ رَبِّكَ الذي قد رزقك بها لتكون لك الكشف والشهود والتمكن في المقام المحمود خَيْرٌ لك من مزخرفات الدنيا ومموهاتها لأنها فانية زائلة لا ثبات لها وَهو أَبْقى لبقائه مع استعدادك الى ما شاء الله

وَمتى رزقت تفضلا من ربك وإحسانا عليك فعليك ان تأمر من يلازمك ويوانسك من اهل الطلب بالميل الى ما رزق الله لك ليكون لهم ايضا نصيب مما قد تفضل الله به عليك من الرزق المعنوي لذلك قد امرناك بقولنا أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ والميل الشاغل جميع قواهم وآلاتهم عن التوجه الى غيرنا لتكون أنت منبها لهم على ما في استعداداتهم وقابلياتهم الفطرية وَاصْطَبِرْ عَلَيْها وتحمل على متاعب تبليغها إياهم ولا تقصر خوفا من انتقاصك من رزقك إذ لا نَسْئَلُكَ لأجلهم منك رِزْقاً حتى ترزقهم بل نَحْنُ نَرْزُقُكَ وإياهم ايضا حسب استعدادك واستعدادهم من مقام جودنا وافضالنا من غير ان ينقص من خزائن كرمنا ونعمنا شيء وايضا نبههم على العواقب الحميدة المترتبة على الصلاة وحذرهم عن الشواغل العائقة عنها وَقل لهم الْعاقِبَةُ الحميدة لِلتَّقْوى اى للمتصفين بالتقوى الحافظين نفوسهم عن متابعة الهوى الراضين عن الله بعموم ما يرضى لهم وبأمرهم المجتنبين عما لا يرضى سبحانه منه ثم لما سمع الكفار بكمالاتك سيما كشفك وشهودك ورزقك المعنوي الحقيقي الأوفى من عند ربك وارشادك على من آمن بك وصدقك أصروا على إنكارك وتكذيبك

وَقالُوا لَوْلا وهلا يَأْتِينا هذا المدعى الكشف والشهود بِآيَةٍ مقترحة مِنْ رَبِّهِ حتى نصدقه ونقر برسالته قل لهم يا أكمل الرسل أَينكرون إتيان الآيات المقترحة على الأمم الماضية وَلَمْ تَأْتِهِمْ في هذا الكتاب المعجز المذكر لهم بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى والكتب الكبرى السالفة من إتيان الآيات المقترحة على

<<  <  ج: ص:  >  >>