للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لغير الله في حال من الأحوال

بل قُولُوا لهم في مقابلة قولهم ايها المؤمنون المتبعون لملة ابراهيم إرشادا لهم واسماعا إياهم طريق الحق قد آمَنَّا بِاللَّهِ الواحد الأحد المتجلى في الآفاق بالاستحقاق بأسمائه الحسنى وصفاته العليا وَآمنا ايضا ما أُنْزِلَ إِلَيْنا بوسيلة رسولنا من الكتاب المبين لمصالحنا المتعلقة بمبدئنا ومعادنا في زماننا وَآمنا ايضا بجميع ما أُنْزِلَ إِلى متبوعينا الماضين إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ المورثين لملتنا وديننا وَكذلك قد آمنا بعموم ما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى من الكتب والآيات الدالة على توحيد الذات والصفات والأفعال وصدقنا جميع ما جاء به هؤلاء الرسل من عند الله وَبالجملة انا قد آمنا بجميع ما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لهداية الضالين من عباده الى توحيده لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ بالإيمان والإنكار بل نؤمن بجميعهم ونصدقهم لكونهم هادين الى توحيد الله وان تفاوتت طرقهم وَنَحْنُ لَهُ اى لتوحيد الحق مُسْلِمُونَ منقادون مسلمون متوجهون وان بين بطرق متعددة وكتب مختلفة بحسب الأعصار والأزمان المتوهمة من تجليات الذات حسب الأسماء والصفات

فَإِنْ آمَنُوا بعد ما سمعوا منكم هذه الأقوال الحقة بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ بعد سماعكم طريق الايمان من رسولكم فَقَدِ اهْتَدَوْا الى طريق التوحيد كما اهتديتم وَإِنْ تَوَلَّوْا واعرضوا عن أقوالكم صفحا واعراضا فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ اى ما هم الا في خلافهم وشقاقهم وعداوتهم الاصلية الجبلية ولا تبالوا بهم وبخلافهم وشقاقهم فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ المحيط بك يا أكمل الرسل وبهم المطلع على ما في سرائرهم وضمائرهم مؤنة خلافهم وشقاقهم وَلا تترددوا ايها المؤمنون في كفايته سبحانه إذ هُوَ السَّمِيعُ لأقوالهم الباطلة الكاذبة الْعَلِيمُ بكفرهم ونفاقهم الكامنة في قلوبهم ثم قولوا لهم بعد ما أظهروا الخلاف والشقاق ما جئنا به نحن من التوحيد الحاصل من متابعة الملة الحنيفية البيضاء

ليس الا صِبْغَةَ اللَّهِ المحيط بنا انما صبغ بها قلوبنا لنهتدي الى صفاء تجريده وزلال تفريده وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً حتى نتبعه إذ لا وجود لغيره ولا رجوع الا اليه وَإذا لم يكن لغيره وجود نَحْنُ لَهُ لا لغيره من العكوس والاظلال عابِدُونَ عائدون راجعون رجوع الظل الى ذي الظل والصور المرئية في المرآة الى الرائي ثم لما طال نزاع احبار اليهود مع المؤمنين ومجادلتهم مع الرسول عليه السّلام امر سبحانه لحبيبه بان يتكلم معهم بكلام ناش عن لب الحكمة ومحض المصلحة

فقال قُلْ لهم يا أكمل الرسل كلاما دالا على توحيد الذات مسقطا لجميع الإضافات أَتُحَاجُّونَنا وتجادلوننا فِي اللَّهِ المظهر للكل من كتم العدم باشراق تجليات أوصافه فيه ورشه من نوره عليه وَالحال انه ليس له اختصاص ببعض دون بعض بل هُوَ رَبُّنا وَرَبُّكُمْ بإظهار ذواتنا وذواتكم من العدم وَبعد إظهاره إيانا لَنا أَعْمالُنا اى جزاء صالحها وفاسدها وَلَكُمْ ايضا أَعْمالُكُمْ الصالحة والفاسدة لا تسرى منكم إلينا شيء ولا منا إليكم شيء وَنَحْنُ المتبعون لملة ابراهيم لَهُ اى لله المظهر الظاهر بجميع الأوصاف والأسماء لا لغيره من الاظلال الهالكة المستهلكة في حدود ذواتها مُخْلِصُونَ متوجهون على وجه الإخلاص المنبئ عن المحبة المؤدية الى الفناء في ذاته جعلنا الله من خدام احبائه المخلصين أيسلم اليهود والنصارى ويذعنون بعد ما أوضحنا لهم انا على ملة ابراهيم دونهم

أَمْ يعاندون وتَقُولُونَ إِنَّ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطَ كانُوا هُوداً أَوْ نَصارى تابعين لملتنا فان كابروا وعاندوا وقالوا مثل هذا قُلْ لهم يا أكمل الرسل مستفهما موبخا على وجه التنبيه أَأَنْتُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>