للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خاتمة سورة الحج]

ايها السالك المجاهد في سبيل الله مع اعداء الله التي هي عبارة عن موانع الوصول الى توحيده الذاتي ان تجاهد او لامع نفسك التي بين جنبيك إذ هي أعدى عدوك وأشد صولة واستيلاء على مملكة باطنك وقلبك الذي هو مخيم سرادقات سلطان الوحدة ومحل نزول قهرمان العزة ومهبط الوحى الإلهي والوارد الغيبى فلك ان تزيل صولتها وتشتت شملها وتفرق جمعها التي هي جنودها وأعوانها من القوى الشهوية والغضبية وجميع الأوصاف البهيمية المستدعية الداعية الى تخريب القلب وتعمير النفس الامارة بالسوء وتقويتها وتقويمها إذ عداوتها ومنعها ذاتية حقيقية بلا واسطة وعداوة سائر الموانع بواسطتها وإياك إياك الإطاعة والانقياد إليها فإنها تشغلك عن الحق وتضلك عن سبيله وتغريك الى الباطل ونفودك الى طريقه. فاعلم ايها المجاهد الطالب للغلبة على جنود النفس الامارة انه لا يمكن لك هذا ولا يتيسر عليك الا بالاعتزال عن أقطاع الشيطان وعن مملكة النفس ومشتهياتها ومستلذاتها بالكلية وبالتشمير نحو الحق بالعزيمة الخالصة عن مطلق الرياء والرعونات والانخلاع عن مقتضيات الأوصاف البشرية بالإرادة الصادقة وبالتوجه التام نحو الوحدة الذاتية من طريق الفناء بإسقاط الإضافات المشعرة لتوهم الكثرة وبالجملة لا يتم سلوك السالك في طريق التوحيد الا بالفناء في الله والبقاء ببقائه ربنا هب لنا من لدنك جذبة تنجينا عن مضائق هوياتنا وتوصلنا الى فضاء توحيدك بمنك وجودك

[سورة المؤمنين]

[فاتحة سورة المؤمنين]

لا يخفى على المؤمنين المفلحين الفائزين بالدرجة العلية والمرتبة السنية من مراتب التوحيد المنتظرة لأرباب الولاء الوالهين في سر سريان الوحدة الذاتية وكيفية امتدادها وانبساطها على هياكل التعينات وتماثيل الهويات العدمية المنصبغة بصبغ الوجود الفائض من التجليات الذاتية والشئون الصفاتية المتشعشعة من الذات الاحدية لإظهار الكمالات المندمجة فيها ان ترقى المؤمنين الموقنين بالتوحيد الذاتي من حضيض البشرية المتصفة بالأوصاف الناسوتية والتطورات الطبيعية الى ذروة الشئون الذاتية اللاهوتية المنعكسة من الأسماء الذاتية الإلهية انما هو بالميل المقارن بالخشوع والخضوع والتذلل التام والانكسار المفرط المسقط للوازم الأنانية المبعدة عن الحق وكذا بالإعراض والانصراف عن فرطات الألحاظ وسقطات الألفاظ وبالتطهر والتعري عن زخرفة الدنيا المانعة من الوصول الى المولى وكذا عن جميع الأوصاف البهيمية من الغضبية والشهوية الا ما تقضيه الحكمة الإلهية من الإبقاء والاستغناء فمن تعدى وتجاوز عنه فقد لحق بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحيوة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا. وبالجملة لا بد للقاصد السائر السالك نحو الحق من الميل الخالص الدائم والتوجه التام المستمر نحوه مع انخلاع عن لوازم ناسوته ورسوم هويته مطلقا متدرجا في افنائها وفنائها الى ان يفنى عن الافناء والفناء ايضا حتى يمكن له الوصول الى فضاء اللاهوت وسعة حضرة الرحموت فح انقطع السير وارتفع الغير ولم يبق الا الخير الى الخير الا ان اولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون لذلك اخبر سبحانه في هذه السورة حبيبه صلّى الله عليه وسلّم عن احوال المؤمنين الموقنين اوصافهم وترقبهم فيها فقال متبركا باسمه العلى الأعلى بِسْمِ اللَّهِ الذي قد أفاض على ارباب الايمان بعد رسوخهم وتمكنهم فيه كرامة التوحيد والعرفان الرَّحْمنِ عليهم يوفقهم على انواع الطاعات واصناف الخيرات والمبرات الموصلة الى درجات الإحسان الرَّحِيمِ لهم ينجيهم عن دركات النيران ويوصلهم

<<  <  ج: ص:  >  >>