للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأصلي على الوجه المفروض أَوِ اعْتَمَرَ على الوجه المسنون قاصدا فيه التوجه الى الذات الاحدية معرضا عن العلائق المادية المانعة منه فَلا جُناحَ اى لا تعب ولا ضيق عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما اى يسعى بينهما معتقدا ارتباطهما الى ان ينكشف باتحادهما وَمَنْ تَطَوَّعَ وقصد بطوافهما خَيْراً زائدا على ما امر وفرض فَإِنَّ اللَّهَ الميسر له شاكِرٌ راض بفعله عَلِيمٌ بنيته وإخلاصه

ثم قال سبحانه إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ويسترون ما أَنْزَلْنا في التورية مِنَ الْبَيِّناتِ الدالة على ظهور نبي يغلب عليه توحيد الذات وَالْهُدى المشير الى انه مبعوث الى كافة البرايا ناسخ لجميع الأديان إذ به يتم امر التكميل والإرشاد ولا بعثة بعد ظهوره بل ختم به صلى الله عليه وسلّم امر الإرسال والإنزال والتديين والتشريع والحال ان كتمانهم مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ وأوضحناه لِلنَّاسِ الناظرين فِي الْكِتابِ المستفيدين منه المتأملين فيه يعنى التورية أُولئِكَ الكاتمون المفرطون يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ اى يطردهم ويبعدهم عن عز حضوره لخروجهم عن مقتضى العبودية بكتمان ما أراد الله ظهوره وَايضا يَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ المتحققون باعتدال العبودية المواظبون على ما أمروا حسب وسعهم وطاقتهم

إِلَّا الَّذِينَ تابُوا منهم عن الكتمان ورجعوا عن البغي والعدوان وأظهروا جميع ما ظهر لهم ولاح لديهم من آيات كتابهم وَأَصْلَحُوا بالإظهار عموم ما أفسدوا على نفوسهم بالكتمان وَبَيَّنُوا ما بينهم الله في كتابه من وصف نبيه المبعوث الى كافة الأمم وعامة البرايا فَأُولئِكَ التائبون المخلصون المصلحون المنيبون المبينون عموم ما ظهر لهم في كتابهم أَتُوبُ عَلَيْهِمْ من العصيان ان اقبل منهم توبتهم وأتجاوز عن سيئاتهم وزلاتهم وَكيف لا أَنَا التَّوَّابُ الرجاع لهم عما جرى عليهم من العصيان والكفر والطغيان الرَّحِيمُ لهم بعد ما رجعوا الى مخلصين مخبتين

ثم قال سبحانه إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بكتمان ما بين الله في كتابه وَماتُوا وَهُمْ عند موتهم كُفَّارٌ كاتمون ما في كتاب الله من أوصاف رسوله أُولئِكَ المصرون المعاندون في امر الكتمان سيما بعد الظهور مكابرة ينزل عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ طرده وتبعيده دائما مستمرا منحصرا عليهم غير منفك عنهم كما تقتضيه الجملة المعبرة عنه بخلاف اللعنة السابقة وَتنزل عليهم ايضا لعنة الْمَلائِكَةِ المستغفرين لمن تاب اللاعنين لمن كابر وأصر وَايضا لعنة النَّاسِ العارفين بحقوق الله المواظبين على أداء آدابه المعتكفين حول بابه أَجْمَعِينَ مجتمعين متفقين ملازمين عليها دائما لخروجهم عن ربقة العبودية

خالِدِينَ فِيها بحيث لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ المترتب عليها لحظة ليتنفسوا وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ اى يمهلون ساعة ليعتذروا

وَإِلهُكُمْ المظهر لكم ايها المؤمنون من كتم العدم واله الكافرين الكاتمين إِلهٌ واحِدٌ لا تعدد فيه ولا اثنينية في ذاته بل لا إِلهَ في الوجود ولا موجود حقيقة إِلَّا هُوَ الوجود الحقيقي الحقي إذ لا كثرة في الوجود المطلق بل هو وحداني الذات فردانى النعت والصفات ليس كمثله شيء ولا دونه حي الرَّحْمنُ المبدئ لكم ولهم عامة باشراق أنوار تجلياته ومد اظلال ذاته على مرآة العدم في النشأة الاولى الرَّحِيمُ المعيد لكم خاصة الى مبدئكم ومقصدكم الحقيقي في النشأة الاخرى

ثم لما كان لوحدته سبحانه آيات ودلائل واضحات لمن تأمل في عجائب مصنوعاته وبدائع مبدعاته ومخترعاته المترتبة على أسمائه وصفاته المستندة الى وحدة ذاته أشار سبحانه الى نبذ منها إرشادا وتنبيها فقال إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ اى اظهار العلويات التي هي عالم الأسماء والصفات المؤثرة الفاعلة

<<  <  ج: ص:  >  >>