للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالَّذِينَ يَرْمُونَ بالزنا الْمُحْصَناتِ الحرائر العاقلات البالغات العفائف من المسلمات سواء كان الرامي أزواجهن او غيرهم وحكم المحصنين ايضا كذلك وانما خصهن بالذكر لكثرة ورود الرمي في حقهن وكون رميهن سببا لنزول الآية الكريمة ثُمَّ بعد ما رموا لَمْ يَأْتُوا لإثباته بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ ذوى عدل وامانة ومروة بحيث لم يكونوا متجسسين عن احوال الزانيين البغيين ولا مستورين منتظرين لاطلاع ما يأتيان به من الفعلة الشنيعة بل قد وقع نظرهم عليهما بغتة فرأوا قبح صنيعهما العياذ بالله كالميل في المكحلة فان أتوا باربعة شهداء على الوجه المذكور فقد اثبتوا الزنا وان لم يأتوا فَاجْلِدُوهُمْ ايها الحكام الرامين القاذفين ثَمانِينَ جَلْدَةً لا كجلدة الزنا بل أخف منها كما هي اقل عددا وَبعد ما جلدتم ايها الحكام المقيمون لحدود الله لا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً في حال من الأحوال ودعوى من الدعاوى الى انقراض حياتهم وَبالجملة أُولئِكَ الأشقياء المفترون المردودون هُمُ الْفاسِقُونَ الخارجون عن مقتضى العقل والشرع المسقطون للمروءة والعدالة التاركون طريق الإنصاف والانتصاف لا يرجى نجاتهم من عذاب الله أصلا

إِلَّا الَّذِينَ تابُوا منهم ورجعوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ الرمي والافتراء وَأَصْلَحُوا ما أفسدوا على أنفسهم بالتوبة والندامة عن ظهر القلب فَإِنَّ اللَّهَ المطلع لضمائرهم غَفُورٌ يعفو عنهم جريمتهم ويستر زلتهم رَحِيمٌ يرحمهم ويقبل توبتهم ان أخلصوا فيها

وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ بالزنا وَان لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ حضراء عندهم إِلَّا أَنْفُسُهُمْ اى غير أنفسهم فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ فالواجب عليهم لإسقاط حد القذف عنهم في هذه الصورة ان يشهد أحدهم أَرْبَعُ شَهاداتٍ مؤديا في اربع كرات مؤكدات بالقسم بِاللَّهِ إِنَّهُ اى الزوج المدعى لَمِنَ الصَّادِقِينَ في هذه الدعوى لا من الكاذبين المفترين

وَالْخامِسَةُ يعنى بعد ما ادى اربع شهادات مؤكدات بالقسم على عدد شهود الزنا اتى ايضا بالشهادة الخامسة المؤكدة للاربعة وايدها بالقسم ايضا على وجه التغليظ بان قال هكذا أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ اى طرده وتبعيده عن ساحة عز قبوله وسعة رحمته عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ في هذه الدعوى

وَبعد أداء الشهادات الأربع على وجهها وتأكيدها بالخامسة المؤكدة باللعنة فقط سقط عنه حد القذف وثبت حد الزنا على المرأة ووقع التفريق المؤبد بينهما بالفسخ او بالطلاق على اختلاف الرأيين ونفى الولد ايضا ان تعرض له فيها لكن يَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ اى يسقط عن المرأة حد الزنا بعد أَنْ تَشْهَدَ المرأة ايضا أَرْبَعَ شَهاداتٍ مؤكدات بالقسم بِاللَّهِ في كل مرة وشهادة إِنَّهُ اى الزوج لَمِنَ الْكاذِبِينَ المفترين فيما رمانى به وانا بريئة عنه

وَالْخامِسَةَ يعنى بعد أداء الاربعة المؤكدات بالقسم أتت ايضا بالشهادة الخامسة المؤكدة للاربعة وأيدتها بالقسم ايضا على وجه التغليظ والمبالغة بان قالت هكذا أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ وقهره وتبعيده عن رحمته عَلَيْها إِنْ كانَ زوجها مِنَ الصَّادِقِينَ في هذا الرمي الشنيع وبعد ما أدتها ايضا على وجهها فقد سقط الحد عنها ايضا ووقع التفريق المؤبد بينهما لقوله عليه السلام. المتلاعنان لا يجتمعان ابدا. ثم قال سبحانه

وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ المطلع على سرائر عباده عَلَيْكُمْ ايها المجترؤون بالحلف الكاذب وبأداء الشهادات الكاذبة الباطلة وكذا تحمل لعنة الله وغضبه في تغليظ الحلف الجاري في ثبوت الوقائع والخطوب وَرَحْمَتُهُ اى مرحمته وشفقته بالسر والإخفاء عليكم لفضحكم واظهر شنيعتكم البتة ولكن قد أمهلكم وستر عليكم رجاء ان تتوبوا عن هتك محارم الله والخروج عن

<<  <  ج: ص:  >  >>