للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآفكون المفترون قُلْتُمْ ما يَكُونُ اى ما يصح وما يجوز لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا الفحش الباطل والكذب الصريح العاطل سُبْحانَكَ نقدسك وننزهك من ان تمكن أنت أحدا يفعل ويقول سبا وقولا سهلا سمجا خصوصا في حق حليلة حبيبك سيما أمثال هذا الافتراء إذ ما هذا الا بُهْتانٌ عَظِيمٌ تبهت وتتحير منه العقول وتضطرب الأسماع وتتقلقل القلوب

وبالجملة انما يَعِظُكُمُ اللَّهُ المصلح لمفاسدكم ويبالغ في وعظكم وتذكيركم كراهة أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً مادمتم احياء إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ بالله مصدقين لنبيه إذ أمثال هذه الخرافات بالنسبة الى بيت النبوة من امارات الكفر والتكذيب وعلامات سوء الأدب مع الله ورسوله

وَبعد صدور أمثال هذه الخرافات من اصحاب الإسراف والإفساد يُبَيِّنُ اللَّهُ المدبر لمصالحكم لَكُمُ الْآياتِ الدالة على الصفح والاعراض عن أمثال هذه الافتراءات الهاتكة لأستار محارم الله سيما مع أكرم عترة حبيبه صلى الله عليه وسلم وَاللَّهُ المصلح لمفاسد أحوالكم عَلِيمٌ بما في ضمائركم وخواطركم حَكِيمٌ في ازالة ما يؤذيكم ويغويكم.

ثم قال سبحانه تذكيرا لعموم عباده إِنَّ المفسدين المسرفين الَّذِينَ يُحِبُّونَ من خبث بواطنهم أَنْ تَشِيعَ تظهر وتنتشر الْفاحِشَةُ والخصلة المذمومة عقلا وشرعا فِي الَّذِينَ آمَنُوا اى بين عموم المؤمنين لَهُمْ جزاء لإشاعتهم واذاعتهم عَذابٌ أَلِيمٌ مؤلم مقرع فِي الدُّنْيا بالجلد والجلاء وَفي الْآخِرَةِ بالنار المحرقة الملتهبة وَاللَّهُ المطلع على عموم ما جرى في الغيب والشهادة يَعْلَمُ قبح ما في الاشاعة والشيوع من القباحة وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ قبحها لذلك تحبون الاشاعة والإذاعة بها

وَبالجملة لَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ بفتح باب التوبة والرجوع عن المعصية بالندامة الخالصة لفضحكم البتة وعذبكم بقبح صنعكم وشنعة خصلتكم هذه وَاعلموا أَنَّ اللَّهَ المراقب لعموم ما صدر عنكم رَؤُفٌ لكم يحفظكم عما يضركم رَحِيمٌ لكم يرحمكم بعد ما وفقكم على التوبة والندامة

ثم لما كان صدور أمثال هذه المعاصي والآثام انما هي بمتابعة الشيطان المضل المغوى نادى سبحانه عموم عباده المؤمنين ونهاهم عن متابعته والاقتداء به والاقتفاء باثره فقال يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا بوحدة الصانع وصفاته وصدقوا بالنبوة والرسالة والتشريع العام المفيد لاعتدال الأخلاق والأطوار بين عموم العباد مقتضى ايمانكم مخالفة النفس والهوى اللتين هما من جنود الشيطان المضل المغوى عن طريق الحق عليكم ان لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ ولا تقتفوا اثره في اشاعة الفاحشة وهتك الحرمة واستحباب المعصية وَمَنْ يَتَّبِعْ منكم ايها المؤمنون خُطُواتِ الشَّيْطانِ المضل المغوى فقد ضل وغوى وكيف لا فَإِنَّهُ اى الشيطان يَأْمُرُ عموم من يتابعه ويقتدى به بِالْفَحْشاءِ والمستقبح عقلا وشرعا وَالْمُنْكَرِ المردود مروءة ونقلا وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ المتكفل لإصلاح أحوالكم عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ الواسعة الشاملة لعموم عباده ما زَكى وما طهر وخلص مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ من متابعة الشيطان أَبَداً ما دمتم احياء إذ متابعته مطبوع لكم مستحسن عندكم مقبول لأنفسكم وَلكِنَّ اللَّهَ المدبر لأمور عباده يُزَكِّي اى يخلص ويطهر من غوائل الشيطان ووساوسه مَنْ يَشاءُ من عباده رعاية لحكمته وضبطا لمصلحته التي قد جبل عباده عليها وَاللَّهُ المطلع على عموم ما ظهر وما بطن سَمِيعٌ لأقوالهم عَلِيمٌ بقصدهم ونياتهم فيها وبعد ما جاء من القاذفين الآفكين ما جاء

<<  <  ج: ص:  >  >>